وقال ابن الوردي في تاريخه - وقد عاصره ورآه -: وكانت له خبرة تامة بالرجال وجرحهم وتعديلهم وطبقاتهم، ومعرفة بفنون الحديث مع حفظه لمتونه الذي انفرد به، وهو عجيب في استحضاره واستخراج الحجج منه، وإليه المنتهى في عزوه إلى الكتب الستة والمسند، بحيث يصدق عليه أن يقال: (كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث)، ولكن الإحاطة لله تعالى. غير أنه يغترف فيه من بحر، وغيره من الأئمة يغترفون من السواقي. وأما التفسير فسلم إليه، وكان يكتب في اليوم والليلة من التفسير أو من الفقه أو من الأصلين أو من الرد على الفلاسفة نحوًا من أربعة كراريس.

وله التآليف العظيمة في كثير من العلوم، وما يبعد أن تصانيفه تبلغ خمس مئة مجلد. وله الباع الطويل في معرفة مذاهب الصحابة والتابعين. قلَّ أن يتكلم في مسألة إلا ويذكر فيها مذاهب الأربعة. وقد خالف الأربعةَ في مسائل معروفة وصنف فيها واحتج لها بالكتاب والسنة. وبقي سنين يفتي بما قام الدليل عنده.

ولقد نصر السنة المحضة والطريقة السلفيَّة. وكان دائم الابتهال، كثير الاستعانة، قوي التوكل، ثابت الجأش. له أوراد وأذكار يديمها، لا يداهن ولا يحابي، محبوبًا عند العلماء والصلحاء، والأمراء والتجار والكبراء، وصار بينه وبين بعض معاصريه وقعات مصرية وشامية لبعض مسائل أفتى فيها بما قامت عنده الأدلة الشرعية. واجتمع بالسلطان محمود غازان السفاك المغتال، وتكلم معه بكلام خشن ولم يهبه. وطلب منه الدعاء فرفع يديه ودعا دعاء منصف أكثره عليه، وغازان يؤمِّن على دعائه. انتهى ملخصًا، وأطال في ترجمته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015