وعلى طاعته، ومحاسنه كثيرة، وهو أكبر من أن ينبِّه على سيرته مثلي، فلو حلفت بين الركن والمقام وبالطلاق ألف طلقة: أني ما رأيتُ بعيني مثله، وأنه ما رأى مثل نفسه ما حنثت. إلى أن قال ابن رجب: وقد عُرِض عليه قضاء القضاة قبل التسعين، ومشيخة الحديث (?)، فلم يقبل شيئًا من ذلك، قرأت ذلك بخط الإمام الذهبي.

وقد كتب الذهبي في «تاريخه الكبير» للشيخ ترجمةّ مطولةّ، وقال: كان يكتب في اليووم والليلة من التفسير، أو من الفقه، أو من الأصلين، أو من الرد على الفلاسفة الأوائل: نحوًا من أربعة كراريس أو أزيد.

قلت: وقد كتب «الحموية» في قَعْدةٍ واحدة، وهي أَزْيد من ذلك وكتب في بعض الأحيان في اليوم ما بُيِّض منه مجلدة.

وكان رحمه الله فريد دهره في فهم القرآن، ومعرفة حقائق الإيمان، وله يد طُوْلَى في الكلام على المعارف والأحوال، والتمييز بين الصحيح والسقيم والمعوجّ والمستقيم.

وللشيخ أثير الدين أبي حيان الأندلسي االنحوي ـ لما دخل الشيخ مصر واجتمع به، ويقال: إن أبا حيان لم يقل أبياتًا خيرًا منها ـ:

لما رأينا تقيَّ الدين لاح لنا ... داعٍ إلى الله فردٌ ماله وَزَر

على محياه من سيما الأُولى صحبوا ... خير البرية نورٌ دونه القمر

حبر تسربل منه دهره حِبَرا ... بحر تقاذَف من أمواجه الدرر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015