ولقد أقامه الله تعالى في نوبة قازان، والتقى أعباء الأمر بنفسه، وقام وقعد وطلع، ودخل وخرج، واجتمع بالملك - يعني قازان - مرتين، وبقَطْلوشاه، وبُولاي. وكان قبجق يتعجب من إقدامه وجراءته على المغول.

وله حدة قوية تعتريه في البحث، حتَّى كأنه ليث حَرِب. وهو أكبر من أَن ينبه مثلي على نعومته. وفيه قلة مداراة، وعدم تؤدة غابًا، والله يغفر له. وله إقدام وشهامة، وقوة نفس توقعه في أمور صعبة، فيدفع الله عنه.

وله نظم قليل وسط. ولم يتزوج، ولا تسرَّى، ولا له من المعلوم إِلاَّ شيء قليل. وأخوه بقوم بمصالحه، ولا يطلب منهم غداء ولا عشاء في غالب الوقت.

وما رأيت في العالم أكرم منه، ولا أفرغ منه عن الدينار والدرهم، لا يذكره، ولا أظنه يدور في ذهنه، وفيه مروءة، وقيام مع أصحابه، وسعي في مصالحهم. وهو فقير لا مال له. وملبوسه كآحاد الفقهاء: فَرَّجِيَّة، ودِلْق، وعمامة تكون قيمة ثلاثين درهمًا، ومداس ضعيف الثمن. وشعره مقصوص.

وهو رَبْع القامة، بعيد ما بين المنكبين، كأن عينيه لسانان ناطقان، ويصلي بالناس صلاة لا يكون أطول من ركوعها وسجودها. وربما قام لمن يجئ من سفر أَو غاب عنه، وإذا جاء فربما يقومون له، الكل عنده سواء، كأنه فارغ من هذه الرسوم ولم ينحنِ لأحد قط، وإنما يسلم ويصافح ويبتسم. وقد يعظم جليسة مرة، ويُهِيْنُه في المحاورة مرات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015