أحدًا لا يعرفه مثله. وكان الفقهاء من سائر الطوائف إِذا جالسوه استفادوا منه في مذاهبهم أشياء، ولا يعرف أَنَّه ناظر أحدًا فانقطع معه، ولا تكلم في علم من العلوم - سواء كَانَ من علوم الشرع أو غيرها - إِلاَّ فاق فيه أهله، واجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها.

وقال الذَّهبيّ في «معجمه المختص»: كَانَ إمامًا متبحرًا في علوم الديانة، صحيح الذهن، سريع الإدراك، سيال الفهم، كثير المحاسن، موصوفًا بفرط الشجاعة والكرم، فارغًا عن شهوات المأكل والملبس والجماع، لا لذة له في غير نشر العلم وتدوينه. والعمل بمقتضاه.

قلت (?): وقد عرض عليه قضاء القضاة قبل التسعين، ومشيخة الشيوخ، فلم يقبل شيئًا من ذلك. قرأت ذلك بخطه.

قال الذَّهبيّ ذكره أَبو الفتح اليعمري الحافظ - يعني ابن سيد الناس - في جواب السؤلات أَبي العبَّاس ابن الدمياطي الحافظ، فقال: ألْفَيْتُه ممن أدرك من العلوم حظًّا. وكاد يستوعب السنن والآثار حفظًا، إِن تكلم في التفسير فهو حامل رايته، وإن أفتى في الفقه فهو مدرك غايته، أَو ذاكر بالحديث فهو صاحب علمه وذو روايته، أَو حاضر بالنحل والملل لم ير أوسع من نحلته، ولا أرفع من درايته. برز في كل فن على أبناء جنسه، ولم تر عين من رآه مثله، ولا رأت عينه مثل نفسه.

وقد كتب الذَّهبيّ في «تاريخه الكبير» (?) للشيخ ترجمة مطولة، وقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015