من الخيط الَّذي كَانَ فيه الزئبق الَّذي كَانَ في عنقه بسبب القمل مائة وخمسون درهمًا، وقيل: إِنَّ الطاقية الَّتي كانت على رأسه دُفع فيها خمس مئة درهم. وحصل في الجنازة ضجيج وبكاء كثير، وتضرّع، وختُمت له ختمات كثيرة بالصالحية وبالبلد، وتردّد الناس إِلى قبره أيامًا كثيرة ليلاً ونهارًا يبتون عنه ويصبحون!! ورؤيت له منامات صالحة كثيرة، ورثاه جماعة بقصائد جمة.
وكان مولده يوم الاثنين عاشر ربيع الأَوَّل بحران سنة إِحدى وستين وست مئة، وقدم مع والده وأهله إِلى دمشق وهو صغير، فسمع الحديث من ابن عبد الدائم، وابن أَبي اليسر، وابن عبدٍ والشيخ شمس الدين الحنبلي، والشيخ شمس الدين بن عطاء الحنفي، والشيخ جمال الدين ابن الصيرفي، ومجد الدِّين بن عساكر، والشَّيخ جمال الدين البغدادي، والنجيب بن المقداد، وابن أَبي الخير، وابن علان، وابن أبي بكر الهروي، والكمال عبد الرحيم، والفخر عليّ، وابن شيبان، والشرف ابن القواس، وزينب بنت مكي، وخلق كثير سمع منهم الحديث وقرأ بنفسه الكثير وطلب الحديث، وكتب الطِباق والأثبات، ولازم السماع بنفسه مدة سنين، وقل أَنْ سمع شيئًا إِلاَّ حفظه، ثمَّ اشتغل بالعلوم، وكان ذكيًا كثير المحفوظ، فصار إمامًا في التفسير وما يتعلق به، عارفًا بالفقه، وكان عالمًا باختلاف العلماء، عالمًا في الأصول والفروع والنحو واللغة، وغير ذلك من العلوم النقلية والعقلية، وما قُطع في مجلس ولا تكلم معه فاضل في فن من الفنون إِلاَّ ظنّ أَنَّ ذلك الفن فنه، ورآه عارفًا به متقنًا له، وأما الحديث فكان حامل رايته حافظًا له متنًا وإسنادًا مميّزًا بين صحيحه وسقيمه، عارفًا برجاله، متضلِّعًا من ذلك، وله تصانيف كثيرة وتعاليق مفيدة في الأصول والفروع، كمل منها جملة، وبيّضت