الشَّيخ الإِمام العلامة تقي الدين أَبو العبَّاس أحمد ابن تَيْمِيَّة إِلى دمشق يوم الأربعاء مستهل ذي القعدة وكانت غيبته عنها سبع سنين كوامل، ومعه أخواه وجماعة من أصحابه، وخرج خلق كثير لتلقيه وسُرُّوا بقدومه وعافيته ورؤيته، واستبشروا به حتَّى خرج خلق من النساء أيضًا لرؤيته. وقد كَانَ السلطان صحبه معه من مصر فخرج معه بنية الغزاة، لما تحقق عدم الغزاة وأن التتر قد رجعوا إِلى بلادهم فارق الجيش من غزة وزار القدس وأقام به أيامًا، ثمَّ سافر على عجلون وبلاد السواد وزُرَع، ووصل دمشق في أول يوم من ذي القعدة، فدخلها فوجد السلطان قد توجه إِلى الحجاز الشريف في أربعين أميرًا من خواصه يوم الخميس ثاني ذي القعدة، ثمَّ إِنَّ الشَّيخ بعد وصوله إِلى دمشق واستقراره بها لم يزل ملازمًا لاشغال الناس في سائر العلوم ونشر العلم وتصنيف الكتب وإفتاء الناس بالكلام والكتابة المطولة والاجتهاد في الأحكام الشرعية، ففي بعض الأحكام يفتي بما أدى إِليه اجتهاده من موافقة أئمة المذاهب الأربعة، وفي بعضها يفتي بخلافهم وبخلاف المشهور في مذاهبهم، وله اختيارات كثيرة مجلدات عديدة أفتى فيها بما أدى إِليه اجتهاده، واستدل على ذلك من الكتاب والسنة وأقوال الصَّحابة والسلف.
سنة (714)
وفي المحرم استحضر السلطان إِلى بين يديه: الفقيه نور الدين عليًّا البكري، وهمّ بقتله، وشفع فيه الأمراء، فنفاه، ومنعه من الكلام في الفتوى والعلم، وكان قد هرب لما طلب من جهة الشَّيخ تقي الدين ابن تَيْمِيَّة فهرب واختفى، وشُفع فيه أيضًا. . .
[وفيها] توفيت الشيخة الصالحة. . . أم زينب فاطمة بنت عباس بن