فإنه كَانَ قد استحوذ على عقل الجاشنكير الَّذي تسلطن فيما بعد، وغيره من الدولة، والسلطان مقهور معه.
واستمر الشَّيخ في الحبس يُستفتى ويقصده الناس ويزورونه، وتأتيه الفتاوي المشكلة الَّتي لا يستطيعها الفقهاء من الأمراء وأعيان الناس، فيكتب عليها بما يحيّر العقول من الكتاب والسنة. ثمَّ عُقد للشيخ مجلس بالصالحية بعد ذلك كله، ونزل الشَّيخ بالقاهرة بدار ابن شقير، وأكب الناس على الاجتماع به ليلاً ونهارًا.
سنة (708)
استهلّت. . . والشيخ تقي الدين قد أُخرج من الحبس (?)، والناس قد عكفوا عليه زيارة وتعلُّمًا وإفتاءً وغير ذلك.
سنة (709)
وفي ليلة سلخ صفر توجه الشَّيخ تقي الدين ابن تَيْمِيَّة من القاهرة إِلى الإِسكندرية صحبة أمير مقدَّم، فأدخله دار السلطان وأنزله في برج منها فسيح متسع الأكناف، فكان الناس يدخلون عليه ويشتغلون في سائر العلوم، ثمَّ كَانَ بعد ذلك يحضر الجمعات ويعمل المواعيد على عادته في الجوامع، وكان دخوله إِلى الإِسكندرية يوم الأحد، وبعد عشرة أيام وصل خبره إِلى دمشق، فحصل للناس عليه تألم وخافوا عليه غائلة الجاشنكير وشيخه نصر المنبجي، فتضاعف له الدعاء، وذلك أنهم لم يمكّنوا أحدًا من أصحابه أَنْ يخرج معه إِلى الإِسكندرية فضاقت له الصدور، وذلك أَنَّه تمكّن منه عدوُه نصر المنبجي. وكان سبب عداوته له أّنَّ الشَّيخ تقي الدين كَانَ ينال من الجاشنكير ومن شيخه نصر