4 - إنها "العصامية لا العظامية".

ليس الفتى من يقول: كان أبي ... إن الفتى من يقول: ها أنذا

فسحقًا لعشاق: "الطبقية" الذين يتغنون بأمجاد أسلافهم وقد تسفلوا، ويستعلون على الناس بأهليهم وأذوائهم، وقد تقذروا، أما من جمع بين الحسنيين، وفاز بالفضيلتين، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

وهكذا كان شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- فلم يركن إلى الدنيا، وأخذ يتغنى بآبائه فيقول: والدي مفتي الحنابلة، وجدي المجد شيخ الإسلام ... بل سلك جادة العلم والإيمان حتى صار زينة لأهل الإسلام.

5 - لا تكاد نفسه تشبع من العلم، ولا تروى من المطالعة، ولا تمل من الاشتغال به، ولا تكل من البحث فيه، وقل أن يدخل في علم إلا ويفتح له فيه؛ ولهذا قال الذهبي: "ما رأيته إلا ببطن كتاب".

وفي غير هذا "الجامع" قال السخاوي في: "الجواهر والدرر: 1/ 117 " بسنده عن الشمس ابن الديري قال: سمعت علاء الدين البسطامي ببيت المقدس يقول: وقد سأله هل رأيت الشيخ تقي الدين ابن تيمية، فقال: نعم، قلت: فكيف كانت صفته، فقال: هل رأيت قبة الصخرة قلت: نعم، قال: كان كقبة الصخرة مُلِيء كُتبًا ولها لسان يَنْطِق" انتهى.

هذا مع انصراف عن أمور الدنيا انصرافًا كليًّا؛ إذ ليس له من المعلوم إلا اليسير، وقد تكفل أخوه شرف الدين بشؤونه.

وهذا يفيد الدرس الآتي: وهو عدم اجتماع الضدين فكما أن:

حُبُّ الكتابِ وحبُّ ألحان الغنا ... في قلب عبد ليس يجتمعان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015