الكناني القرشي الشافعي بمنزلي بالمدرسة المذكورة في بعض الليالي، وهو أيضًا ساكن بالمدرسة ومعيد بها، فحضر عبد الرحمن المذكور إلينا ومعه فُتيا وقد أجاب الشيخ تقي الدين عنها فأخرجها من يده وشرع يذكرُ الشيخَ تقي الدين وبَسْط عبارته وعِلْمه، وقال: هذه من جملة فتاويه ولم يُرِد فيما ظهر أذاه وإنما قصد - والله أعلم - نضر فضيلته، فتناولها القاضي شمس الدين ابن عدلان منه وقرأها فإذا مضمونها (?):

بسم الله الرحمن الرحيم، ما تقول السادة الفقهاء أئمة الدين - رضي الله عنهم أجمعين - أن يبينوا ما يجب على الإنسان أن يعتقده ويصير به مسلمًا بأوضح عبارة وأبينها، من أن مافي المصاحف هو كلام الله القديم أم هو عبارة عنه لا نفسه؟ وأنه هو حادث أو قديم؟ وأن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5] هو استواء حقيقة أم لا؟ وأن كلام الله عز وجل بحرفٍ وصَوْت أم كلامه صفة قائمة لا تفارق؟ وأن الإنسان إذا أجرى القرآن على ظاهره من غير أن يتأول شيئًا منه ويقول: أومن به كما أنزل؛ هل يكفيه ذلك في الاعتقاد أم يجب عليه التأويل؟ وأن السائل رجل متحيِّر لا يعرف شيئًا وسؤال بجواب لين بيقلد قائله افتونا مأجورين رحمكم الله.

فأجاب الشيخ تقي الدين ماصورته:

الحمد لله ربِّ العالمين، الذي يجب على الإنسان اعتقاده في ذلك وغيره مادل عليه كتاب الله وسنة رسوله واتفق عليه سلف المؤمنين الذين أثنى الله على من اتبعهم وذم من اتبع غير سبيلهم، وهو أن القرآن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015