منامات خوارق فقال: رأيت في منامي كأن البحر قد زاد حتى دخل الماء في جميع حارات المدينة، وهو أسود مثل القطران وهو يغلي مثل القدر على النار، والشيخ راكب سفينة وقد ركب معه جماعة يسيرة وهو يقول: النجاء النجاء. وقد طلعتْ به من بابا سعادة حتى جاءت إلى باب اللوق، وإذا بالسلطان سنقر راكب فيلاً وخلفه راكب القاضي ابن مخلوف والشيخ نصر، وأنا أقول: يا سيدي كيف نعمل حتى نخرج من هذا الكدر الذي نحن فيه إلى البحر الصافي وهذا الفيل في طريقنا؟ وأنت تقرأ {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل: 1]. إلى آخرها، وما أصبت السفينة إلا أنها قد صارت في البحر الكبير.

ثم بعد أيام جاء عند الشيخ شمس الدين بن سعد الدين الحراني وأخبره أنهم يسفرونه إلى الإسكندرية. وجاءت المشايخ التدامرة وأخبروه بذلك، وقالوا له: كل هذا يعملونه حتى توافقهم، وهم عاملون على قتلك، أو نفيك. أو حبسك، فقال لهم: «أنا إن قتلت كانت لي شهادة، وإن نفوني كانت لي هجرة، ولو نفوني إلى قبرص لدعوت أهلها إلى الله وأجابوني، وإن حبسوني كان لي معبدًا، وأنا مثل الغنمة كيفما تقلبت تقلبت على صوف»، فيئسوا منه وانصرفوا.

فلما كان بعدُ في صلاة المغرب جاء نائب والي المدينة بدر الدين المحب بن عماد الدين بن العفيف ومعه جماعة فقال: يا سيدي باسم الله. فقال له الشيخ: إلى أين؟ قال: إلى الإسكندرية قد رسم السلطان بذلك الساعة. فقال له: لو كنتم أخبرتموني بذلك حتى تجهزت للسفر وأخذت معي نفقة. فقال له: قد أمرت لك ولأصحابك ما يكفيك. فقال له: أنا الليلة ما أسافر. فقال له: ما يمكنني أن أخالف مرسوم السلطان. فقال له معك مرسوم بأن تُسخطني؟ فقال: لا. وقام خرج من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015