على الرمح ونحوهما، وفي حديث سبرة المتقدم: "ولو بسهم".

وأما ارتفاعها فتقدم في حديث أبي ذر -رضي الله عنه- أنها مثل آخرة الرحل، والمراد بذلك: الخشبة التي يستند إليها الراكب، كما مضى، ومقدارها ذراع، كما صرح به عطاء، وأفتى به الثوري، قال ابن جريج: قال عطاء: كان من مضى يجعلون مؤخرة الرحل إذا صلوا، قلت: وكم بلغك قدر مؤخرة الرحل؛ قال: ذراع، قال: سمعت الثوري يفتي بقول عطاء (?)، وذكر النووي أنها ثلثا ذراع (?)، والظاهر أن طولها يختلف، والله أعلم.

واعلم أن ظاهر النصوص يدل على أن المصلي يجعل السترة قبالة وجهه ولا ينحرف عنها، فإن قول الراوي: صلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى الحربة. وقوله: بين يديه عنزة، ونحوهما يدل على مقابلة السترة وعدم الانحراف. قال ابن عبد البر: (وأما استقبال السترة والصمد لها فلا تحديد في ذلك عند العلماء، وحسب المصلي أن تكون سترته قبالة وجهه). اهـ (?).

وأما حديث ضباعة بنت المقداد بن الأسود عن أبيها قالت: (ما رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى على عمود ولا عود ولا شجرة إلا جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر ولا يصمد له صمدًا)؛ فهو حديث ضعيف، كما حققه ابن القيم وغيره من أهل العلم (?).

وقد دلت الأحاديث المتقدمة على وجوب الدنو من السترة على ما ذهب إليه فريق من أهل العلم لأمرين:

الأول: أن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر بذلك، والأمر عند الإطلاق يقتضي الوجوب.

الثاني: التعليل بقوله: "وليدن منها، لا يقطع الشيطان عليه صلاته" (?).

وأما مقدار ذلك فقد دل عليه حديث سهل بن سعد الساعدي -رضي الله عنه- قال: كان بين مصلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبين الجدار ممر شاة (?).

والمراد بالمصلّى: مكان الصلاة، وهو ما يصلي فيه الإنسان من موضع القدمين والجبهة في السجود، فتكون المسافة بين موضع سجوده وبين سترته قدر ممر شاة، وهو نصف ذراع تقريبًا، أو ثلاثة أذرع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015