وهذا الأحنف بن قيس -رحمه الله- قيل له: إن فيك أناة شديدة! فقال: (قد عرفت من نفسي عجلة في صلاتي إذا حضرت حتى أصليها) (?).
وكان سعيد بن المسيب -رحمه الله- يحضر المسجد قبل الأذان واستمر على ذلك مدة لا تقل عن ثلاثين سنة؛ فقد روى الإمام ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال: (ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد) (?).
ونقل ابن سعد عنه أنه قال: (ما سمعت تأذينًا في أهلي منذ ثلاثين سنة) (?).
ولم تفته صلاة الجماعة طيلة أربعين سنة، فقد روى ابن سعد -أيضًا- عنه أنه قال: ما فاتته صلاة الجماعة منذ أربعين سنة ولا نظر في أقفائهم (?).
وكان الأعمش رغم كبر سنه يحرص على التكبيرة الأولى. فقد قال وكيع: (اختلفت إليه قريبًا من سنتين ما رأيته يقضي ركعة، وكان قريبًا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى) (?).
وكان المحدث الثقة بشر بن الحسن يقال له: (الصفّي)؛ لأنه كان يلزم الصف الأول في مسجد البصرة خمسين سنة (?).
وهذا إبراهيم بن ميمون المروزي أحد الدعاة المحدثين الثقات من أصحاب عطاء بن أبي رباح، وكانت مهنته الصياغة وطرق الذهب والفضة. قالوا: (كان فقيهًا فاضلًا من الأمّارين بالمعروف). قال ابن معين: (كان إذا رفع المطرقة فسمع النداء لم يردّها) (?).
قال قاضي الشام سليمان بن حمزة المقدسي، وهو من ذرية ابن قدامة صاحب كتاب "المغني": (لم أصلّ الفريضة قط منفردًا إلا مرتين، وكأني لم أصلهما قط) مع أنه قارب التسعين (?).
جاءت النصوص في فضل التبكير إلى المسجد، وبيان ما رتب الله تعالى على ذلك من الأجر العظيم، وما يحصل من الفوائد الجمة التي يظفر بها كل من بادر، مما يجعل المسلم ينهض مسارعًا لأداء فريضة الله إذا سمع منادي الله يدعوه: (حي على الصلاة حي على الفلاح)، متخليًا عن مشاغله، فرحًا بحلول وقت المناجاة.
وإن المتأمل في هذه الفضائل والفوائد ليرى عظيم فضل الله تعالى وسعة رحمته بعباده الصالحين الذين لبوا النداء ونهضوا إليه مبادرين، فأثابهم الله على حسن صنيعهم وزادهم من فضله.
وهذه -أخي المسلم- نبذة لا بأس بها في فضائل وفوائد المبادرة جمعتها من النصوص وذيلتها بكلام أهل العلم -رحمهم الله- أضعها في العناوين التالية، راجيًا من الله تعالى أن يجعلها نافعة، فمنها: