المأمور بأخذها عند الصلاة، بل ليس من الزينة أصلًا.
وأما التلثم على الأنف فلا يكره؛ لأن تخصيص الفم بالنهي عن تغطيته يدل على إباحة غيره، وروي عن ابن عمر أنه كرهه (?)، ومن المعلوم أن التلثم على الأنف يلزم منه تغطية الفم غالبًا. فعلى المسلم أن يمتثل النهي السابق، إلا لحاجة مثل أن يتثاءب، فإن السنّة أن يضع يده على فيه لقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فيه، فإن الشيطان يدخل" (?).
ومن الناس من يتلثم في صلاته على أنفه وفمه، ولا سيما في أيام الشتاء في صلاة الفجر غالبًا. فينبغي التنبه لذلك والتنبيه عليه (?).
ومن تمام حسن الهيئة وجمال المظهر أن يكون المصلي طيب الرائحة، بعيدًا عن كل ما له رائحة كريهة، سواء كان من الجسم ذاته أو من أسباب خارجية كالثوم والبصل والكراث، فقد نهى الشرع الإنسان إذا تناول شيئًا من ذلك أن يحضر المساجد؛ لما في حضوره من أذية الملائكة والمسلمين. ودرء هذه الأذية العامة أولى من مراعاة مصلحة هذا الشخص بحضور المسجد؛ لأنه هو السبب في تفويت ذلك على نفسه.
وقد ورد عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "من أكل من هذه الشجرة -يريد الثوم- فلا يغشانا في مساجدنا" (?).
وعنه -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربنّ مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم" (?).
وعنه أيضًا -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "من أكل ثومًا أو بصلًا فليعتزلنا أو فليعتزل مسجدنا ويقعد في بيته"، وإن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُتي بقدر فيه خضرات من بقول فوجد لها ريحًا، فسأل فأُخبر بما فيها من البقول، فقال: "قربوها" إلى بعض أصحابه كان معه، فلما رآه كره أكلها، قال: "كل فإني أناجي من لا تناجي" (?).
فهذه نصوص صريحة صحيحة تدل بمفهومها على أن الرائحة الطيبة لا بد منها لمن أراد حضور المساجد. وكذا مصلي العيد (?)، وتدل كمنطوقها على أن من أكل ثومًا أو بصلًا أو كراثًا فهو مأمور باعتزال مساجد المسلمين، وجماعتهم، وعدم قربها، وأنه مأمور من قبل الشرع بالجلوس في منزله، عقوبة له حيث فوت على نفسه فضيلة الجماعة، ولم يبال بأذية الملائكة، ولم يراع شعور إخوانه المصلين.
وينبغي أن يفهم المسلم أن إباحة هذه الخضروات ذوات الرائحة الكريهة ليس دليلًا على عدم وجوب صلاة الجماعة، بحجة أن الجماعة لو كانت واجبة لحرم جميع ما يمنع حضورها. وذلك لأن كون