والدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77]، والحديث عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أُمِرْتُ أن أسجد على سبعة أعظم"، والطمأنينة في جميع الأفعال، والترتيب بين الأركان. والدليل حديث المسيء صلاته عن أبي هريرة قال: "بينما نحن جلوس عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ دخل رجل فصلى [فقام] فسلم على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: ارجع فصل فإنك لم تصل، فعلها ثلاثًا، ثم قال: والذي بعثك بالحق نبيًا لا أحسن غير هذا فعلمني، فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا قمت إلى الصلاة فكبِّرْ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها"، والتشهد الأخير ركن مفروض، كما في الحديث عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله من عباده، السلام على جبريل وميكائيل" وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا تقولوا: السلام على الله عن عباده، فإن الله هو السلام ولكن قولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".

ومعنى "التحيات" جميع التعظيمات لله ملكًا واستحقاقًا، مثل الانحناء والركوع والسجود والبقاء والدوام، وجميع ما يعظم به رب العالمين فهو لله، فمن صرف منه شيئا لغير الله فهو مشرك كافر، و"الصلوات" معناها جميع الدعوات، وقيل: الصلوات الخمس. "والطيبات لله" الله طيب ولا يقبل من الأقوال والأعمال إلا طيبها، "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته": تدعو للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالسلامة والرحمة والبركة والذي يدعى له ما يدعى مع الله. و"السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين": تسلم على نفسك وعلى كل عبد صالح في السماء والأرض، و"السلام" دعاء، و"الصالحون" يدعى لهم ولا يُدعَون مع الله، "أشهد أن لا إلا الله وحده لا شريك له" وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: "تشهد شهادة اليقين ألا يُعبد في الأرض ولا في السماء بحق إلا الله، وشهادة أن محمدًا رسول الله بأنه عبد لا يُعبد، ورسول لا يُكذَّب بل يطاع ويُتبع، شرفه الله بالعبودية. والدليل قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1].

"اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد": الصلاة من الله ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، كما حكى البخاري في صحيحه عن أبي العالية قال: صلاة الله ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى، وقيل: الرحمة. والصواب الأول، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الآدميين الدعاء، و"بارك" وما بعدها سنن أقوال [وأفعال].

والواجبات ثمانية: جميع التكبيرات غير تكبيرة الإحرام. وقول "سبحان ربي العظيم في الركوع"، و"قول سمع الله لمن حمده" للإمام والمنفرد، وقول "ربنا ولك الحمد" للكل، وقول: "سبحان ربي الأعلى" في السجود، وقول: "رب اغفر لي" بين السجدتين، والتشهد الأول والجلوس له.

فالأركان ما سقط منها سهوًا أو عمدًا بطلت الصلاة بتركه. والواجبات ما سقط منها عمدًا بطلت الصلاة بتركه، وسهوًا جبره السجود للسهو. والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015