المسلمون في حياته وبعده إلى هذا الوقت. انتهى كلامه -رحمه الله تعالى- (21/ 376).

- ومن المخالفات أيضًا: أن بعض الرجال إذا جامع أهله لا يغتسل، ولا يأمر أهله بالغسل إلا إذا أنزلا، وهذا أمر تعم به البلوى ويخطئ فيه الكثيرون، فنقول وبالله تعالى التوفيق: كان الأمر أولًا أن لا يغتسل الرجل إلا إذا أنزل وكذلك المرأة.

ودليل ذلك: ما أخرجه مسلم في صحيحه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "الماء من الماء".

قال الصنعاني: أي الاغتسال من الإنزال، فالماء الأولى المعروف والثاني المني.

لكن هذا الخبر نسخ بحديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل" متفق عليه.

وزاد مسلم: "وإن لم ينزل"، وفي لفظ أبي داود: "وألزق الختان بالختان"، هذا الحديث استدل به الجمهور على نسخ مفهوم حديث: "الماء من الماء".

واستدلوا على أن هذا آخر الأمرين ما رواه أحمد وغيره من طريق الزهري، عن أبي بن كعب، أنه قال: "إن الفتيا التي كانوا يقولون إن الماء من الماء رخصة كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رخص بها في أول الإسلام ثم أمر بالاغتسال بعد". صححه ابن خزيمة، وابن حبان، وقال الإسماعيلي: إنه صحيح على شرط البخاري، وهو صريح في النسخ لحديث: "إنما الماء من الماء".

ومن أدلة كونه ناسخًا أيضًا: أن حديث أبي هريرة منطوق وحديث أبي سعيد "الماء من الماء" مفهوم، والمنطوق مقدم على المفهوم.

ويضاف إلى ذلك أيضًا: أن الآية تعضد المنطوق في إيجاب الغسل، قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6].

قال الشافعي: إن كلام العرب يقتضي أن الجنابة تطلق بالحقيقة على الجماع، وإن لم يكن فيه إنزال، قال: فإن كل من خوطب بأن فلانًا أجنب عن فلانة عقل أنه أصابها، وإن لم ينزل، قال: ولم يختلف أن الزنا الذي يجب به الجلد هو الجماع، ولو لم يكن منه إنزال. اهـ.

فتعاضد الكتاب والسنة على إيجاب الغسل من الإيلاج، "انتهى بتصرف من سبل السلام".

وبعد هذا كله نقول: إن من جامع امرأته، ومس ختانه ختانها فقد وجب عليه الغسل ولو لم ينزل فإن صلى ولم يغتسل فقد صلى وهو جنب فصلاته باطلة.

- ومن المخالفات أيضًا: أن بعض الناس عند فراغه من غسل الجنابة، وقبل أن يرتدي ملابسه تقع يده على فرجه، فلا يلقي لذلك بالًا ويصلي بذلك الغسل ما لم يحدث.

لكن هذا لم يعرف أنه بملامسة يديه لفرجه قد انتقض وضوؤه، ودليل ذلك ما روته بسرة بنت صفوان -رضي الله تعالى عنها- قالت: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "من مس ذكره فليتوضأ". أخرجه مالك، وأحمد، وأهل السنن، والحاكم.

وعلى ذلك فيقال لمن اغتسل: احرص ألا تمس يدك فرجك لئلا ينتقض الوضوء فإن مسسته فعليك إعادة الوضوء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015