والظاهر أن هذا في غير الجمعة، وأما في الجمعة فينبغي أن يصلي التحية لأجل استماع الخطبة، والله أعلم.
لا تدرك الجمعة إلا بإدراك ركعة تامة وإن لم يدرك من الخطبة شيئًا، فمن دخل مع الإمام قبل أن يركع الركعة الثانية أو أدرك معه الركوع فقد أدرك صلاة الجمعة، فيأتي بركعة أخرى وتتم صلاته، وهذا قول الجمهور من أهل العلم، وهو الراجح في المسألة، ودليل ذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" (?).
وهذا نص عام يشمل جميع الصلوات، ومنها: صلاة الجمعة.
وقد بوب الترمذي -رحمه الله- على هذا الحديث في جامعه بقوله: (باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة). ثم قال: (والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وغيرهم، قالوا: من أدرك ركعة من الجمعة صلى إليها أخرى، ومن أدركهم جلوسًا صلى أربعًا، وبه يقول: سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد وإسحاق) (?).
أما من أدرك مع الإمام أقلّ من ركعة كأن يدركه بعد أن رفع رأسه من ركوع الركعة الثانية أو في السجود أو في التشهد فقد فاتته الجمعة، لمفهوم الحديث المتقدم، فإن مفهومه أن من أدرك أقل من ركعة لم يكن مدركًا للصلاة.
وعليه أن يصليها ظهرًا أربع ركعات ولو كان قد دخل مع الإمام بنية الجمعة، فإذا سلم الإمام نوى الظهر ثم صلاها، وهذا هو القول الراجح -إن شاء الله- ولا يسع الناس العمل بغيره؛ لأن الظهر فرع عن الجمعة، فإذا انتقل من الجمعة إلى الظهر فقد انتقل من أصل إلى بدل. وكلاهما فرض الوقت (?).
ويستثنى من ذلك ما إذا صليت الجمعة قبل الزوال وأدرك مع الإمام أقل من ركعة فإنه لا يتمها جمعة؛ لأنه لم يدرك منها ركعة، ولا يصليها ظهرًا؛ لأنه لم يدخل وقت الظهر، فيتمها نفلًا فإذا دخل وقت الظهر بالزوال صلى الظهر. والله أعلم (?).
إذا صلى الجمعة صلى بعدها ركعتين أو أربعًا، نقله ابن قدامة عن الإمام أحمد، وفي رواية عنه: أو ستًا (?).
وقد دل على ذلك ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعًا" (?)، وفي رواية بيان الصارف للأمر، وأنه ليس للوجوب بل للاستحباب؛ لقوله: "من كان منكم مصليًا" (?).