أَنْوَاع الْآنِيَة
آنِيَةُ الْجِلْد

حُكْمُ آنِيَة الْجِلْد

مَذَاهِبُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَة:

قَالَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ: إِنَّ جِلْدَ كُلِّ مَيْتَةٍ نَجِسٌ قَبْلَ الدَّبْغِ، وَأَمَّا بَعْدَ الدَّبْغِ فَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ نَجِسٌ أَيْضًا. وَقَالُوا: إِنَّ مَا وَرَدَ مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ " مَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ اللُّغَوِيَّةِ (أَيْ النَّظَافَةِ) لا الشَّرْعِيَّةِ. وَمُؤَدَّى ذَلِكَ أَنَّهُ لا يُصَلَّى بِهِ أَوْ عَلَيْهِ.

وَغَيْرُ الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبَيْنِ أَنَّهُ يَطْهُرُ الْجِلْدُ بِالدِّبَاغَةِ الطَّهَارَةَ الشَّرْعِيَّةَ، فَيُصَلَّى بِهِ وَعَلَيْهِ.

وَيُرْوَى الْقَوْلُ بِالنَّجَاسَةِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

وَعَنْ الإِمَامِ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ يَطْهُرُ مِنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ جِلْدُ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي حَالِ الْحَيَاةِ.

وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَقَتَادَةَ وَيَحْيَى الأَنْصَارِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَغَيْرِهِمْ.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ إِذَا ذُبِحَ حَيَوَانٌ يُؤْكَلُ لَمْ يَنْجُسْ بِالذَّبْحِ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ، وَيَجُوزُ الانْتِفَاعُ بِجِلْدِهِ. وَإِنْ ذُبِحَ حَيَوَانٌ لا يُؤْكَلُ نَجُسَ بِذَبْحِهِ، كَمَا يَنْجُسُ بِمَوْتِهِ، فَلا يَطْهُرُ جِلْدُهُ وَلا شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ. وَكُلُّ حَيَوَانٍ نَجُسَ بِالْمَوْتِ طَهُرَ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ، عَدَا الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ " وَلأَنَّ الدِّبَاغَ يَحْفَظُ الصِّحَّةَ عَلَى الْجِلْدِ، وَيُصْلِحُهُ لِلانْتِفَاعِ بِهِ، كَالْحَيَاةِ. ثُمَّ الْحَيَاةُ تَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنِ الْجِلْدِ فَكَذَلِكَ الدِّبَاغُ. أَمَّا الْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا فَلا يَطْهُرُ جِلْدُهُمَا بِالدِّبَاغِ.

وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ، عَدَا الْخِنْزِيرِ وَالآدَمِيِّ وَلَوْ كَافِرًا، يَطْهُرُ بِالدِّبَاغَةِ الْحَقِيقِيَّةِ كَالْقَرَظِ وَقُشُورِ الرُّمَّانِ وَالشَّبِّ، كَمَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغَةِ الْحُكْمِيَّةِ، "121" كَالتَّتْرِيبِ وَالتَّشْمِيسِ وَالإِلْقَاءِ فِي الْهَوَاءِ. فَتَجُوزُ الصَّلاةُ فِيهِ وَعَلَيْهِ، وَالْوُضُوءُ مِنْهُ.

وَعَدَمُ طَهَارَةِ جِلْدِ الْخِنْزِيرِ بِالدِّبَاغَةِ لِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ، وَجِلْدِ الآدَمِيِّ لِحُرْمَتِهِ، صَوْنًا لِكَرَامَتِهِ، وَإِنْ حُكِمَ بِطَهَارَتِهِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ كَسَائِرِ أَجْزَاءِ الآدَمِيِّ. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015