(خد د حم) , عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنه - قَالَ: (" بَعَثَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -) (?) (عَامَ ذَاتِ السَّلَاسِلِ) (?) (فَقَالَ: خُذْ عَلَيْكَ ثِيَابَكَ وَسِلَاحَكَ ثُمَّ ائْتِنِي " , فَأَتَيْتُهُ " وَهُوَ يَتَوَضَّأُ , فَصَعَّدَ فِيَّ النَّظَرَ ثُمَّ طَأطَأَهُ) (?) (ثُمَّ قَالَ: يَا عَمْرُو , إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَكَ عَلَى جَيْشٍ) (?) (فَيُسَلِّمَكَ اللهُ وَيُغْنِمَكَ , وَأَرْغَبُ لَكَ مِنْ الْمَالِ رَغْبَةً صَالِحَةً " , فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , إِنِّي مَا أَسْلَمْتُ مِنْ أَجْلِ الْمَالِ , وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ , وَأَنْ أَكُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فَقَالَ: " يَا عَمْرُو , نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ ") (?) (قَالَ: فَاحْتَلَمْتُ فِي) (?) (غَزْوَةِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ) (?) (فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ شَدِيدَةِ الْبَرْدِ، فَأَشْفَقْتُ إِنْ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلَكَ , فَتَيَمَّمْتُ , ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي صَلَاةَ الصُّبْحِ , فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -) (?) (ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - فَقَالَ لِي: " يَا عَمْرُو , صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟ ") (?) (فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ , إِنِّي احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ شَدِيدَةِ الْبَرْدِ فَأَشْفَقْتُ إِنْ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلَكَ , وَذَكَرْتُ قَوْلَ اللهِ - عزَّ وجل -: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ , إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (?) فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ , " فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ") (?)
الشَّرْح:
(ذَاتِ السَّلَاسِلِ) فِي مَرَاصِدِ الِاطِّلَاعِ: السُّلَاسِلُ: جَمْعُ سِلْسِلَةٍ , مَاءٌ بِأَرْضِ جُذَامٍ , سُمِّيَتْ بِهِ غَزْوَةُ ذَاتِ السُّلَاسِلِ.
قَالَ الْعَيْنِيُّ وَهِيَ وَرَاءَ وَادِي الْقُرَى , بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ عَشْرَةُ أَيَّامٍ , وَكَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ فِي
جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ. عون334
(وَأَرْغَبُ لَكَ مِنْ الْمَالِ رَغْبَةً صَالِحَةً) أَيْ: أعطيك من المال شيئا لا بأس به.
فَوائِدُ الْحَدِيث:
قوله: (فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ شِدَّةِ الْبَرْدِ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: التَّبَسُّمُ وَالِاسْتِبْشَارُ , وَالثَّانِي: عَدَمُ الْإِنْكَارِ , لِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - لَا يُقِرُّ عَلَى بَاطِلٍ , وَالتَّبَسُّمُ وَالِاسْتِبْشَارُ أَقْوَى دَلَالَةً مِنَ السُّكُوتِ عَلَى الْجَوَازِ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - جَعَلَ عَدَمَ إِمْكَانِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ كَعَدَمِ عَيْنِ الْمَاءِ , وَجَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَخَافُ الْعَطَشَ وَمَعَهُ مَاءٌ , فَأَبْقَاهُ لِيَشْرَبَهُ وَلِيَتَيَمَّمَ بِهِ خَوْفَ التَّلَفِ. عون334