لكونه بمعنى لا يعل وقوله وللتصرف أي الاجتهاد والاضطراب في تحصيل الإصابة بأن زوال أسبابها فلهذا قال الله تعالى لها ما كسبت أي سوآء اجتهدت في الخير أو لا فاته لا يضيع وعليها ما اكتسبت أي لا تؤاخذ إلا بما اجتهدت في تحصيله وبالغت فيه من المعاصي وغير سيبويه لم يفرق بين كسب واكتسب وقد يجيء افتعل لغير ما ذكرنا مما لا يضبط نحو ارتجل الخطبة ونحوه (انتهى). وهنا ملاحظة من عدة أوجه. الأول أن قول الإمام ابن الحاجب أن افتعل يأتي للمطاوعة غالبا مع تصريح سيبويه بأن الباب في المطاوعة انفعل وافتعل قليل غريب جدا إذ كيف يتصور أن إماما في العربية مثله لم تبلغه رواية سيبويه أبي النحويين أو أنه لم يفطن من تلقآء نفسه لكثرة مجيء افتعل المتعدي مجاريا لفعل نحو جذب واجتذب ونزع وانتزع كما مثل به بعضهم وتمام الغرابة أنه اقتصر في تفصيل معاني افتعل على أربعة أمثلة فقط من دون أن يقول بعدها وقد يأتي لمعان أخر كما قال الرضى. الثاني أن الرضى قال ولا يقال فانغم وصاحب القاموس اثبته. الثالث أنه يقال وينبغي أن لا يكون ذلك الشيء مصدرا نحو اشتويت اللحم أي اتخذته شوآء وهو مشكل فإن مغزى كلامه أن الاشتوآء من الشوآء مع أن الشوآء من شوى فعال بمعنى مفعول ككتاب بمعنى مكتوب فالاشتوآء من الشيء كالاكتساب من الكسب فما وجه هذا التعليل وما معنهى قوله فاشتوى اللحم أي عمله شوآء لنفسه مع أنه أورد اشتوى شاهدا على الاتخاذ والاتخاذ لا يستلبزم العمل كما تقدم بيانه ومع أن من أهل اللغة من لم يفرق بين شوى واشتوى. الرابع أنه قال واختبز الخبز أي جعله خبزا وحقه أن يقول واختبز العجين. الخامس أن سياق قوله وكذا اغتذى وارتشى واعتاد يؤذن بأن هذه الأفعال جاءت للأتخاذ وليس كذلك فإن اغتذى مطاوع غذاه وارتشة مطاوع رساه. السادس أنه قال نحو اعتوروا أي تناوبوا وهذا المثال ساقط من المتن وبالجملة فإن الرضى فاق غيره في ثلاثة أشيآء الأول نقل عبارة سيبويه الثاني قوله جاز مجيئة لها أي للمطاوعة في غير العلاج الثالث في آخر كلامه وقد يجيء افتعل لغير ما ذكرناه مما لا يضبط. وثم ملاحطة أخرى عمومية من عدة أوجه. أحجدها أن أئمة الصرف عرفوا المطاوعة بأنها حصول الأثر عن تعلق الفعل المتعجى بمفعوله نحو كسرت الزجاج فانكسر فانكسر مطاوع أي قابل لفعل الكسر وقد تقدنم عن صاحب المصباح أن المطاوع لا يكون إلا لازما غير أن عبارة اللغويين توهم أنه يكون متعديا وذلك كقول الجوهري والمصنف الزمته الشيء فالتزمه وقول تلجوهري رسمت له كذا فارتسمه وقول الزمخشري اسعطته الدوآء فاستعطه وقوله أيضا نشع الصبي الدوآء وانشعه ومثله انتشفع بالعجمة وكقول صضاحب المصباح اكربته الدار وغيرها فاكتراه فيقال كيف أن الشيء بعد أن كان مؤثرا فيه يصير مؤثرا في غيره والجواب أن هذا الإبهام نشأ من عارض تركيب الكلام لا من أصل وضعه إذ حق التعبير