متعديا ومثله استموا من سما وعكسه اعتلى وكل ذلك تراه مفصلا في موضعه. وكلهم أهملوا استب من السب وابتعد وارتجف ما عدا الزمخشري واتفق الصغاني وصاحب اللسان والشارح على أن ذكروا في مادة رأس ارتكسنى واعتكنى واعترسنى واكتسأتى أي شغلني ولم يذكروها في مظانها غير أن الشارح أبدل اكتسأني باكتأسني. وأغرب من ذلك أنه ليس من أئمة اللغة من ذكر اتحد الشيء بالشيء ولا اقتطف بمعنى قطف مع أن افتعل كثيرا ما يجيء مثل فعل فيما يدل على القطع كما ستعرفه وكذلك احترم لم أجده في الجمهرة ولا في التهذيب ولا في المجمل ولا في ديوان الأدب ولا في الصحاح ولا في مختصره ولا في المحكم ولا في الأساس ولا في مختصر العين ولا في التكملة ولا في اللسان ولا في القاموس ولا في الراموز وإنما أشار إليه صاحب المصباح بقوله والحرمة المهابة وهذا اسم من الاحترام مثلُ الفرقة من الافتراق. فهذا نموذج على قصور أهل اللغة في افتعل الذي نزل عليهم جمعا نزول الكابوس فكيف يتأتى إذا حصره من كتبهم أو معرفة اللازم منه من المتعدى على أنكم أيّ كتاب فتحته من شعر العرب وجدت فيه أفعالا خلت منها كتبهم. ومن إبهام هذا البناء فيما يتعلق باللباس والزينة والطعام خاصة اقتصار الجوهري على تعدية اعتصب بالباء وصاحب المصباح أهمله وأورده صاحب اللسان متعديا بنفسه ونص عبارته اعتصب التاج على رأسه استكف به ومنه قول قيس الرقيات

(يعتصب التاج فوق مفرقه

على جبين كأنه ذهب)

أما المصنف فخصه بشد فخذي الناقة لتدر وهو قصور والذي عداه بالباء جعله مرادف رضي به. وقال الجوهري في درع وادرع الرجل لبس الدرع وقد تقدم نظيره في الإبهام في استنفع وابن سيده عدى أدرع بنفسه وبالباء وهذا البناء أورده المصنف على أفعل وصاحب المصباح لم يعرج عليه. وقال الجوهري أيضا في كسا وكسوته ثوبا فاكتسى وظاهره أن اكتسى مطاوع كسا وعبارة صاحب المصباح كسوته واكتسى وهي مبهمة وعبارة المصنف تشعر بأن اكتسى متعد فإنه قال الكسوة الثوب وكسى كرضى لبسها كاكتسى وصرح الخفاجي في شفاء الغليل بمجيئه متعجيا وعليه قول الشاعر

(والذئب أخبث ما يكون إذا اكتسى .. من جلد أولاد النعاج ثيابا)

وقال المصنف في عطف وتعطف به ارتدى كاعتطف وظاهره أن اعتطف يعدى بالباء مثل تعطف واقتصر الوهري على تعطف وصاحب المصباح أهمل الفعلين وصرح ابن سيده بمجيء اعتطف متعديا ونص عبارته اعتطف العطاف وهو الردآء ارتدى واعتطف الرداء والسيف والقوي الأخيرة عن ابن الأعرابي وأنشد

(ومن يعتطفه على مئزر

فنعم الردآء على المئزر)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015