وهذا القدر كشرم من بحر وهنا ملاحظة من عدة أوجه أحدها أن بعض هذه الألفاظ غير محقق أصله فلا يجزم بإبداله وقلبه من دون معرفة الأصل فترتيبه على النسق الذي تحريته من قبيل الترجيح فقط ومنه ما جرى فيه الإبدال في حروفه كلها مثل طلع ودره أو درأ ومنه ما جرى فيه في حرفين نحو سحق وسهك فلم يتعين في محله ومنه ما جرى فيه الإبدال بسبب تشابه الحروف في النطق أو الخط وكل ما نقلته هنا فهو من اجتهادي لم أستعن على شيء منه بالمزهر ولا بغيره كما يعلم الله،
• الثاني أن ابن فارس وابن جني ألفا في خصائص اللغة العربية فهل جعلا منها القلب والإبدال،
• الثالث أن بعض هذه الألفاظ نسبت إلى راو في اللغة كالشلتان في السطان فإن الشارح عزاها إلى الخارزنجي كما تقدم ولكن من دون تنبيه على استعمالها فهل كانت لثغة لشخص مفرد أو لقوم.،
• الرابع أن الذين ارتكبوا القلب والإبدال واللثغة كانوا أصحاب اللسان وكانوا يتنافسون في الفصاحة ويعدونها من أعظم المزايا وأكرم السجايا ومع ذلك فإنهم جاءوا كل ما شأن المستعربين من بعدهم من تحويل الكلم وتحريفه فجعلوا القاف همزة في قرم وأرم أي أكل وزنق وزنأ أي ضيق وهو العيب المشهور اليوم في لغة عامة مصر والشام وجعلوا الثاء تاء والذال دالاً والظاء ضادًا وهو أيضًا عيب العامة المذكورين والضاد ظاء وهو عيب أهل بغداد وتونس والعجم والجيم زايًا وهو عيب اليهود، والطاء تاء وهو عيب الأكراد والحاء هاء وهو عيب الهنود والزنج، وغير ذلك كما مر بك فلم يكد حرف يخلو من تحريفهم ولكن كيف كان الفصحاء منهم يسمعون من يقول الشلتان في السلطان ودحا محا أي دعها معها ولا يسخرون منه ونحن اليوم نسد آذاننا عن سماع مثل هذه اللثغة الشنيعة وكيف لا يعد هذا من الغلط في اللفظ فإن علماءنا يقولون إن العرب لم تكن تغلط في اللفظ وإن غلطت في المعاني مع أن ما ارتكبوه من تحريف الألفاظ لو نسب إلى المولدين لحكموا بأنه غلط قطعًا.،
• الخامس أن الشارح قال بعد قول المصنف الزبردج الزبرجد صريحه أنه لغة مشهورة وليس كذلك فقد صرح ابن جني في أول الخصائص إنما جاء الزبردج مقلوبًا في ضرورة شعر وذلك في القافية؛ لأن العرب لا تقلب الخماسي اه، وقد رأيت مما مر بك أنها قلبت الخماسي كما قلبت الثلاثي سواء فإن قيل إن المراد بالقلب هنا قلب الألفاظ العجمية لا العربية قلت أولاً: إن الجوهري والمصنف لم ينصا على أن الزبرجد معرب، ثانيًا إذا كانت العرب لم تتحرج من قلب ألفاظ العربية فقلبها للألفاظ العجمية أولى؛ لأن منشأ القلب قلة المبالاة، ألا ترى أنهم تصرفوا في أسماء الملائكة بل قالوا لاهم في اللهم، فالفرق بين التغيير والقلب وما ذلك إلا من اختلاف القبائل، وإلى ذلك أنسب نوع الأضداد وزيادة الحروف ونقصانها كقولهم في الدرهم درهام وفي الإقامة قامة وأقام وكثرة المصادر والجموع واختلاف حركة عين الفعل الثلاثي وشاهد، قول أبي زيد طفت سافلة