وهذا القيل الأخير هو الذي اعتمده الطحطاوي في (حاشيته على مراقي الفلاح) ونص كلامه:
(قوله: وفي المقبرة بتثليث الباء لأنه تشبه باليهود والنصارى قال صلى الله عليه وسلم: (لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وسواء كانت فوقه أو خلفه أو تحت ما هو واقف عليه ويستثنى مقابر الأنبياء عليهم السلام فلا تكره الصلاة فيها مطلقا منبوشة أو لا بعد أن لا يكون القبر في جهة القبلة لأنهم أحياء في قبورهم ألا ترى أن مرقد إسماعيل عليه السلام في الحجر تحت الميزاب وأن بين الحجر الأسود وزمزم قبر سبعين نبيا ثم إن ذلك المسجد أفضل مكان يتحرى للصلاة بخلاف مقابر غيرهم. أفاده في (شرح المشكاة)
هذا كله كلام الطحطاوي وهو كلام مدخول يناقض بعضه بعضا فإنه إذا كان يصرح ويعلل الكراهة بالتشبه باليهود والنصارى - وهم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد - فكيف يستثني قبور الأنبياء وإنما يتحقق التشبه بالكفار بالصلاة فيها؟
نعم ربما كان يصح هذا الاستثناء فيما لو كانت علة الكراهة هي النجاسة وذلك لطهارة قبورهم عليهم السلام ومع ذلك فلا يصح هذا الاستثناء مطلقا بعد لعنه عليه الصلاة والسلام من كان يتخذ قبور الأنبياء مساجد ونهيه أمته عن ذلك كما يأتي