لخالية من الزخرف والبهرجة كأنهم في بيت من بيوت الله يعبدون الله بالعمل لصالح المجموع فنحن مسلمون وشعار الاسلام في كل عمل عبادة.
أيكون ذلك لو كان دليلاً على تأخر وانحطاط؟ لم لا يكون دليلاً على وعي كامل وشعور رفيع بالمسؤولية وتفهم عال لحقيقة الاستقلال وبداية سليمه قوية في تشييد الكيان السليم القويم؟ ولعل عشاق المظاهر يرون في ذلك عاراً ومهزلة لايليق أن توصم بهما دولتنا الفتية وليس من الكرامة والشرف أن يجتمع مجلس الامة على تلك الصورة. وإلى اولئك أذكر أن العار الذي يطمس الشرف هو أن نسمح لأقدام المحتلين أن تدوس أرضنا وهي عرضنا مقابل حفنة من المال ننفقها على مظاهر كاذبة ومناظر زائلة والمهزلة التي تطيح بالكرامة هي أن نتجاهل قدر أنفسنا وحقيقة وضعنا وظروفنا وإمكانياتنا.
إني أشعر وأنا أتصفح الميزانية بأسى عميق وأسف شديد، إذ أن ذاكرتي تعود بي الى الماضي القريب المليء بالآمال واستعرض الذكريات وأقارن بينها وبين الحاضر المشحون بالآلام واتطلع الى المستقبل فلا أملك إلا التوجه الى الله ان يلطف بنا ويهئ لنا من أمرنا رشداً.
أذكر ايها السادة ذلك اليوم الأغر الذي صدر فيه قرار هيئة الامم المتحدة التاريخي بالاستقلال ليبيا (مساء 21 نوفمبر 1949) وأذكر أن جريدة كتبت في اليوم التالي تعليق على هذا القرار: (منذ البارحة سيكون علينا أن نعمل وننتج أكثر مما قاتلنا وكافحنا وسيكون علينا أن نكد ونجد حتى يفوق مانصبه من عرق وماذرفناه من دموع وأهرقناه من دماء أمامنا تركة عهدين يتطلبان التصفية النهائية حتى لانكون بعد ذلك مطالبين بميراث عهد الايطاليين الذين خرجوا من ديارنا بعد صراع عنيف وضحايا جمة وخلفوا ممتلكات مدمرة وعامرة ولكنها كلها ملك شرعي في ارض الوطن لأهل الوطن ... وعهد البريطانيين الذين قسموا البلاد الواحدة واقتسموها سلباً حلال، وضيعوا عليها الفرص وشوهوا معالمها ووضعوا في طريقها نهضتها كل معرقل وعائق. أمامنا هذه التركة أو هذه المشكلة التي يجب أن يوضع لها حد، ثم أمامنا ما أمام كل شعب مثلنا