سابعاً: مكانة الصحافة في زمن الملك إدريس، وحرية الكلمة في مجلس النواب:

إن كثيراً من الحكام والملوك والقادة لايتحملون النقد، ولاكلمة الحق الموجهة إلى حكوماتهم أو ذواتهم ويقتدون بفرعون مصر الذي قال الله فيه: {ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد} (سورة غافر، الآية) ويستعملون كافة الأساليب الوحشية لتكميم الأفواه، ومصادرة الحريات ويبررون مواقفهم أمام شعوبهم عند قمع الأخيار والمصلحين كما قال تعالى: {وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد} (سورة غافر، الآية: 26).

وهكذا كل الطغاة يقولونها عندما يواجهون المصلحين، وكلما تواجه الحق والباطل، والإيمان والكفر، والصلاح، والطغيان، على توالي الزمان واختلاف المكان.

وهكذا الطغاة في كل زمان ومكان يقدمون أنفسهم على أنهم الحريصون على الفضائل، الغيورون على الأخلاق، الراغبون في التعمير والتقدم، والأمن والإزدهار، بينما يقدمون أهل الخير والصلاح على أنهم مفسدون مخربون، ضالون، مضلون، أعداء الله والأمة والوطن، وحلفاء الشيطان ورؤوس الفتنة، ودعاة الضلال، ولهذا يجب القضاء عليهم قبل تحقيق أهدافهم الخبيثة (?).

إن الملك إدريس رحمه الله سمح للمصلحين أن يتكلموا وينقدوا الدولة والحكم وشجع الصحافة، والنواب على قول كلمة الحق وحتى الذين يتجاوزون حدود القانون من المعارضة يعترفون بالمعاملة الحسنة التي يلاقونها من الشرطة فقد ذكر الأستاذ محمد بشير المغيربي في كتابه وثائق جمعية عمر المختار مايدل على ماذهبت إليه فقد قال: (لابد أن أقول بعد كل ذلك أننا طيلة تلك المرحلة ونحن نعارض ونواجه بحدة وبشدة وتتخذ ضدنا إجراءات بالسجن والاعتقال والنفي وتحديد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015