الجلالة تقدساً بذات الله جل جلاله وقال: إن الجلالة لله وحده، وما انا الا عبد من عباد الله (?).
ويعتبر هذا الحدث سابقة تاريخية من أروع ما شهد في دنيا الملوك ولقد تأثر ريفلي رئيس جريدة بريد طرابلس التي كانت تصدر باللغة الايطالية لهذا الحدث وكتب مقالاً جاء فيه: إن الرغبة التي ابداها الملك ادريس ليست في حاجة الى تعليق، لأنه عندما تبوأ العرش كان تواضعه معروفاً، وسهره المتواصل وعطفه ورعايته لشعبه فإن دل هذا على شيء فإنما يدل على الديمقراطية التي تجلت في اسما معانيها، ولقد اتاح الحظ لليبيا - وهي لاتزال في بداية حياتها - أن تكون على رأسها شخصية صالحة مختارة تخاف الله العلي الاجل، وعندما قبل مهمته الصعبة الخطيرة بأن يقود شعبه الى ما كتبه له القدر من مصير، فإن ذلك كان استجابة لأمر ربه الذي يمده بنوره فيما يتخذ من قرارات وفي اعماله وقد تبين له ان لقب (الجلالة) هو لقب ضخم لا يتفق مع اساسه الديني الذي يرى ان المولى وحده صاحب الجلالة العظمى وهو وحده الخالد العلي الأعلى ... ولم يكن هذا التصرف بغريب على الملك محمد ادريس المهدي السنوسي الذي ينحدر من سلالة شريفة اراد الله تعالى أن يمكن في قلبها الايمان والثقة به، وفي عالمنا هذا الذي يسير سيراً حثيثاً نحو المادية فإن تصرفاً مثل هذا يتعدى أي احتمال ويدل دلالة قاطعة على أن أي مسبب حتى وإن كان ذلك المسبب سامياً يمكنه أن يكون وسيلة لإظهار تواضع منبثق عن عقيدة راسخة في عظمة الله) (?).
وقد حدثني السيد احمد العرفي عندما كنا معاً في السجن السياسي بطرابلس عن حادثة تدل على تعظيم الملك ادريس للمولى عز وجل وهي أنه كان هناك مسجداً جديداً في مدينة البيضاء وجاء الملك لافتتاحه ومع مجيئه ودخوله المسجد شرع الناس في الهتاف بحياة الملك ادريس، فغضب وأمر الناس بالصمت وقال لهم هذا المكان لا