متجددة وتصبح لشعوبنا الإسلامية تبعية عميا لغيرها في أمورها العسكرية والسياسية والاقتصادية والتعليمية وما وصل إليه شعبنا من انحدار شديد في مجالاته المتعددة إلا لبعده عن عقيدته وإسلامه ودينه.
خامساً: اعتراض الليبيين لموقف الدول الكبرى من قضيتهم العادلة:
عارض المجاهدون الليبيون موقف الدول الكبرى من قضيتهم، ووجهوا نقدهم وسهامهم إلى الدول الكبرى وخصوصاً الحكومة البريطانية التي لم تلتزم بعهودها مع الليبيين، وبرّر بعض الزعماء أسباب نخالفهم مع بريطانيا بأسلوب علمي أدبي رفيع وهذه وثيقة تاريخية تثبت ماذهبت إليه وهي عبارة عن موضوع كتبه المجاهد عمر فائق شنيب في عام 1945م بعنوان (ليبيا مهد البطولة) قال بعد أن افتتح موضوعه بالبسملة:
إذا استشفيت من داء بداء ... فاقتل ما أعلك ماشفاكا
كثر الأخذ والرد في قضية ليبيا الباسلة ذات الشعب المحارب في صفوف الحلفاء من سنة 1940، ليبيا التي لم ترضخ للاستعمار الإيطالي فحاربت 21 سنة بلا إنقطاع، ليبيا التي اشترك جيشها وشعبها في طرد العدو منها، ليبيا المضحية بمليون نسمة من خيرة أبنائها في سبيل عروبتها واستقلالها وحريتها، ليبيا التي رفعت رأس العروبة عالياً من سنة 1911 إلى 1945 وكثر عدد الطامعين فيها والمتزلفين اليها - بعد أن كان بعضهم علة شقاء عليها - وتعددت الدوافع فتباينت المنافع، وتضاربت الآراء فكثرت التكهنات وجلها - إن لم أقل كلها - لايخلو من غايات ومناورات ومساومات بعيدة عن محجة الصواب كل ذلك على حساب ليبيا الدامية.
وكل يدعي وصلا بليلى ... وليلى لاتقر لهم بذاكا
حتى أبهم الأمر لا على المنصفين الذين يهتمون بلب الحقائق ليأخذوا منها درساً وعبرة أو يجابهوا الموقف على ضوءها. بل على الليبيين أنفسهم الذين أصبحوا في حيرة من أمرهم، وبمعزل عما يراد بهم، وهم الذين اشتهروا بالأفعال في ميادين النضال، لابزخرفة الأقوال ولله در من قال:
إذا اشتبهت دموع في خدود ... تبين من بكى ممن تباكى