تلك الصحارى غمد كل مهند ... أبلى فأحسن في العدو بلاء

وقبور موتى من شباب أمية ... وكهولهم لم يبرحوا إحياء

لو لاذ بالجوزاء منهم معقل ... دخلوا على أبراجها الجوزاء

فتحوا الشمال سهوله وجباله ... وتوغلوا فاستعمروا الخضراء

وبنوا حضارتهم فطاول ركنها ... دار السلام وجلق الشماء

خيرت فأخترت المبيت على الطو ... لم تبن جاها أو تلم ثراء

إن البطولة أن تموت على الضما ... ليس البطولة أن تعب الماء

افريقيا مهد الأسود ولحدها ... ضجت عليك أراجلا ونساء

والمسلمون على اختلاف ديارهم ... لايملكون مع المصاب عزاء

والجاهلية من وراء قبورهم ... يبكون زيد الخيل والفلحاء

في ذمة الله الكريم وحفظه ... جسد ببرقة وسد الصحراء

لم تبق منه رحى الوقائع أعظما ... تبلى، ولم تبق الرماح دماء

كرفات نسر أو بقية ضيغم ... باتا وراء السافيات هباء

بطل البداوة لم يكن يغزو على ... (تنك) ولم يك يركب للاجواء

لكن أخو خيل حمى صهواتها ... وأدار من أعرافها الهيجاء

لبى قضاء الأرض أمسى بمهجة ... لم تخش إلا للسماء قضاء

وفاه مرفوع الجبين كأنه ... سقراط جر إلى القضاة رداء

شيخ تمالك سنه لم ينفجر ... كالطفل من خوف العقاب بكاء

وأخو أمور عاش في سرائها ... فتغيرت فتوقع الضراء

الأسد تزأر في الحديد، ولن ترى ... في السجن ضرغاما بكى استخذاء

وأتى الأسير يجر ثقل حديده ... أسد يجرجر حية رقطاء

عضت بساقيه القيود فلم ينوء ... ومشت بهيكله السنون فناء

سبعون لو ركبت مناكب شاهق ... لترجلت هضباته أعياء

خفيت عن القاضي، وفات نصيبها ... من رفق جند قادة نبلاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015