وقال ابن تيمية - رحمه الله -: (وأمرنا الله تعالى بالاجتماع والائتلاف ونهانا عن التفرق والاختلاف) (?).
والاختلاف المهلك للأمة هو الاختلاف المذموم، وهو الذي يؤدي إلى تفرقها وتشتتها وانعدام التناصر فيما بين المختلفين كل طرف يعتقد ببطلان ماعند الطرف الآخر، وقد يؤول الأمر إلى استباحة قتال بعضهم بعضاً (?).
(وإنما كان الاختلاف علّة لهلاك الأمة كما جاء في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأن الاختلاف المذموم الذي ذكرنا بعض أوصافه يجعل الأمة فرقاً شتى مما يضعف الأمة، لأن قوتها وهي مجتمعة أكبر من قوتها وهي متفرقة، وهذا الضعف العام الذي يصيب الأمة بمجموعها يجرئ العدو عليها فيطمع فيها، ويحتل أرضها ويستولي عليها ويستعبدها ويمسخ شخصيتها وفي ذلك انقراضها وهلاكها (?).
إن من الدروس المهمة في هذه الدراسة التاريخية أن نتوقى الهلاك بتوقي الاختلاف المذموم، لأن الاختلاف كان سبباً من الأسباب في ضياع بلادنا وتسلط الطليان عليها وإن أخطر مانعاني منه الآن الخلاف في صفوف الحركات الإسلامية التي تقوم بواجب الدعوة إلى الله تعالى، وهذا الخلاف قد يؤدي إلى ضعف الحركات العاملة إذا لم تتخذ سبيل الوقاية منه.
يقول الشيخ عبد الكريم زيدان: (والاختلاف كما يضعف الأمة ويهلكها يضعف الجماعة المسلمة التي تنهض بواجب الدعوة إلى الله ثم يهلكها ولهذا كان شر ماتبتلى به الجماعة المسلمة وقوع الاختلاف المذموم فيما بينها بحيث يجعلها فرقاً شتى، بحيث ترى كل فرقة أنها على حق وصواب وأن غيرها على خطأ وضلال، وتعتقد كل فرقة أنها هي التي تعمل لمصلحة الدعوة. وهيهات أن تكون الفرقة والتشتت والاختلاف المذموم في مصلحة الدعوة أو أن مصلحة الدعوة تأتي عن طريق التفرق،