اختتم كلامه وجلس فقابله سيادته بكلمات شكر. وقال الشكر لله وحده هو الذي أيدكم ونصركم، ومزق أعداءكم بسبب جدكم واجتهادكم وتوحيد صفوفكم ونرجو من الله لكم مزيد التوفيق؟
وبعدإقامته في طرسوس لمدة سنة تقريباً انتقل أحمد الشريف الى مرفأ مرسين، وفي اثناء اقامته وفد إليه صديقه الحميم أمير البيان الأمير شكيب ارسلان واتت بعض وجوه الناس من ليبيا، وارسل الرسائل الى ابن عمه محمد ادريس، والى قائد حركة الجهاد الغر الميمون عمر المختار يحثه على مواصلة الجهاد (?).
(فلما جئت الى مرسين ذهبت تواً لزيارته؟ فأبى إلا أن أنزل عنده، ريثما اكون استأجرت منزلاً في البلدة، وقد رأيت في هذا السيد السند بالعيان، ماكنت أتخليه عنه بالسماع وحق لي والله أن أنشد:
كانت محادثة الركبان تخبرنا ... عن جعفر بن فلاح أطيب الخبر
حتى التقينا فلا والله ما سمعت ... أذني بأحسن مما قد رأى بصري
رأيت في السيد حبراً جليلاً، وسيداً غطريفاً، وأستاذاً كبيراً، من أنبل من وقع نظري عليهم مدة حياتي، جلالة القدر، وسراوة حال، ورجاحة عقل، وسجاحة خلق، وكرم مهزة، وسرعة فهم، وسداد رأي، وقوة حافظة، مع الوقار الذي لاتغض من جانبه الوداعة، والورع الشديد في غير رئاء ولاسمعة. سمعت أنه لايرقد من الليل أكثر من ثلاث ساعات، ويقضي سائر ليله في العبادة، والتلاوة والتهجد، ورايته مراراً تنضج بين يديه السفر الفاخرة اللائقة بالملوك فيأكل الضيوف والحاشية ويجتزئ هو بطعام واحد لايصيب منه إلا قليلاً؛ وهكذا هي عادته وله مجلس كل يوم بين صلاتي الظهر والعصر لتناول الشاي الأخضر الذي يؤثره المغاربة، فيأمر بحضور من هناك من الاضياف ورجال المعية، ويتناول كل منهم ثلاثة