ومما فجر الروح الجهادية لدى أهالي ليبيا، عجز إيطاليا عن احترام شعور الأهالي ومعتقداتهم، واعطوا لهذه الحرب صبغة دينية واضحة، فقد بارك القسيس والبابا الحملة قبل سفرها من إيطاليا، وكان من أول ماقامت به بعد نزولها في مدينة طرابلس أن قامت صلوات الشكر لله على إحتلال المدينة، وعلى وضع الصليب مكان الهلال، وكان العمل في حد ذاته كافياً لإثارة كل مسلم في البلاد (?)، وكان النشيد الذي يردده الجنود الغزاة: (أماه صلي ولا تبكي، بل أضحكي وتأملي ألا تعلمين أن إيطاليا تدعوني، وأنا ذاهب الى طرابلس فرحاً مسروراً لأبذل دمي في سبيل سحق الأمة الملعونة ولا حارب الديانة الاسلامية .. سأقاتل بكل قوتي لمحو القرآن، ليس للمجد من لم يمت لإيطاليا، تحمسي أيتها الوالدة، وإن سالك أحد عن عدم حدادك عليّ، فأجيبيه، مات في سبيل محاربة الاسلام) (?).
وصدق الله العظيم القائل: "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم" (سورة البقرة، آية).
لقد تحرك نواب البلاد وزعمائها من ضواحي طرابلس نحو معسكرات الجهاد، واشتركوا في العمليات ونادوا على الاهالي بضرورة الخروج معهم، قام بأهم دور في هذه الحشود والاستعداد فرحات باشا نائب طرابلس، وسليمان الباروني نائب الجبل، وسيف النصر من زعماء سرت.
كان فرحات بك له نفوذ كبير في موطنه (الزاوية) وكان يقضي عطلته في الواحة وقت نشوب الحرب، فعرض خدماته على القائد العثماني، وكتب في نفس الوقت الى المشايخ في الواحات محرضاً أياهم على القيام والالتفاف حول راية السلطان والدفاع عن البلاد، ورغماً من الدعاية المضادة التي كان يقوم بها بعض الشيوخ الموالين للايطاليين في العاصمة، فإن نداءات، فرحات بك قد نجحت وارتفع العلم العثماني في كل مكان، وكان فرحات بك أول متطوعاً انضم الى العثمانيين مع عدد