قدير، فمن أراد أن يظهر في الكون غير ماأظهر مالك الملك رب العالمين المنفرد بتصرفاته في ملكه لاشريك له فيه، فقد جمع الجهل بأنواعه وكان من الممترين، وبناءً عليه يلزم كل مؤمن أن يرضى ويسلم بما تعلقت به الارادة الربانية، وأبرزته القدرة الالهية فالملك لله سبحانه وتعالى يؤتيه من يشاء، فايطاليا تريد السلام وتريد أن تبقى بلادكم اسلامية تحت حماية ايطاليا وملكها المعظم، ويخفق فوقها العلم المثلث "ابيض وأحمر وأخضر" إشارة الى المحبة والايمان (?).

إن للأسف الشديد كان كاتب هذا المقال، شيخ من العلماء المحسوبين على الازهر الشريف، وكتب ذلك مقابل عرض من الدنيا زائل، ولقد تأثر بهذا المنشور ممن لاعقيدة واضحة في ذهنه، وممن لايعرف ضروريات ديننا الاسلامي العظيم، وغاب عنه حقيقة الصراع بين عقيدة التوحيد الصافية النقية، وبين عقائد النصرانية الفاسدة، بأنواعها المتعددة.

لقد لجأت ايطاليا الى المكر والخداع، وبثت الفرقة بين أهالي ليبيا، والأتراك المساندين لهم، ودعت الى الانفصال عن العثمانيين عن طريق المنشورات، وكانت الطائرات الايطالية تلقيها على المعسكرات العربية، سارع أهالي ليبيا لاثبات ولائهم للدولة وأرسلوا برقية للحكومة في الاستانة نقلتها بالنص جريدة صباح التركية، جاء فيها:

(نحن العرب أبناء هذا الوطن العثماني المقدس نفديه بالمهج ولاننفصل عنه، ولو أراد هو الانفصال عنا، وإنا لمدينون في حياتنا القومية واتحادنا للجنود العثمانيين وضباطهم البواسل، على ان مانبذله وما سنبذله ايضاً من المهج والمال في الذب عن حوضنا لم نبذله طوعاً لأوامر اخواننا الجنود، بل رغبة بالاحتفاظ بكياننا وإننا نجل هذه الرغبة، لأنها كانت سبباً في شد أواصر الاخوة بيننا وبين إخواننا العثمانيين، فلهذا نعلن لحكومة الاستانة وسائر اخواننا العثمانيين أننا مستعدون لبيع أرواحنا وأرواح أبنائنا على بساط هذه السهول، والرمال المحرقة دفاعاً عن بلادكم التي هي بلادنا لأننا متأهبون للموت حتى لايبقى منا فرد، والله لايهدي كيد الخائنين) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015