القبيحة يرويها جيل عن جيل من القتل الذريع، والسبي الشنيع، وإهدار كل حرمة، وتحويل المساجد الى كنائس كانت تلك الأمور محل تأمل وتفكر من قبل ابن السنوسي (?).
لقد كانت تجربة فاس ثرية بالنسبة لابن السنوسي وقد نقل لنا شكيب ارسلان عن أحمد الشريف السنوسي مادرسه جده في فاس والشيوخ الذين أخذ عنهم فقال: (ومنهم العلامة الهمام سيدي محمد بن الطاهر الفيلالي الشريف العلوي قرأت عليه مختصر السعد، وجمع الجوامع، السلم، وجملة صالحة من مختصر الشيخ خليل، وهو يروي عن الحافظ بن كيران والعلامة الزروالي وشيخهم العلامة ابن الشقرون باسانيدهم السابقة وغيرهم من أماثل علماء فاس. ومنهم العلامة المتقي المتفنن ابو المواهب سيد أبوبكر بن زياد الادريس حضرته في علوم كثيرة وقرأت عليه الفرائض والحساب والاربعين ومضاعفاتها والاسطرلابيين وصناعتها والعلوم الاربعة الرياضة والهندسة والهيئة والطبيعة والارثماطقيقي واصول قواعد الموسيقى والمساحة والتعديل والتقويم وعلم الاحكام والنسب والوقف والتكسير والجبر، والمقابلة وغيرها الخ .... ) (?) ولقد بقي ابن السنوسي مهتماً بهذه العلوم وقام بتدريسها لبعض طلابه ومريديه.
ويمكن للباحث أن يلاحظ عدة عوامل أثرت في شخصيته لما كان في الجزائر، وظهور خطوط واضحة بعد انتهاء تجربة المغرب الأقصى في فاس، أما العوامل التي أثرت في شخصيته لما كان بالجزائر منها:
1 - تأثر ابن السنوسي مما كان يراه من ظلم الولاة العثمانيين، ومن الثورات التي كانت تقوم بها القبائل ضدهم.
2 - لمس أطماع الدولة الأوربية في بلاده.
3 - ولادته في بيت شريف مشهور بالعراقة والأصالة، وتأثره بتاريخ أجداده الأدارسة الذين حكموا المغرب، ولذلك صمم على السير في طريق أجداده ولقد برز اهتمامه بتاريخ أجداده في الكتاب الذي ألفه فيما بعد عنهم وسماه " الدرر السنية في أخبار السلالة الادريسية ".