زاوية في الكفرة وقال له (مرادنا في كونكم تتولوا أمرها)، فكان أن أسس زاوية الجوف التي عرفت نسبة إلى ابن السنوسي باسم زاوية الأستاذ (?).
وأنشئت في فترة الإمام المهدي عدة زوايا في منطقة الكفرة منها (التاج) كما ذكرنا، وربيانة، وتازربو، وامتد نشاط الحركة نحو الجنوب، فوصلت إلى مواطن جديدة في السودان الإفريقي، بواسطة الدعاة، وقوافل التجارة، فوصلت دعوة الإسلام إلى بشر جدد، وقبائل وثنية متعطشة إلى دين الفطرة، وهذا التوغل المحمود، والانطلاق الجميل بدعوة الله، كان ابن السنوسي المؤسس قد خطط له منذ عهده الباكر في الدعوة إلى الله فقد قال ( .. إذ أن الشعوب المجاورة في السودان والصحرا. من إفريقية الغربية، لاتزال تعبد الأوثان، ... ) (?).
إن انتقال الإمام المهدي إلى الكفرة ينسجم مع خطة الحركة السنوسية التي استهدفت قبائل الصحراء، وافريقيا الوسطى بدعوة الإسلام، ولذلك تحرك زعيم الحركة لاختيار مركز متوسط يعينه على تبليغ رسالته وأداء واجبه، أما قول من قال إنما قام بذلك خوفاً من الأوروبيين الذين أرادوا القبض عليه، فباطل، لأنه جاء للسودان الغربي ليقود حركة جهاد ضد أطماع فرنسا خصوصاً والأوروبيين عموماً (?)، وأما قول بعض المؤرخين إنما اندفع نحو الجنوب خوفاً من السلطات العثمانية (?)، فهذا مردود، لأن علاقة الحركة بالدولة كانت قوية، بل إن السنوسية أصبحت من الركائز المهمة في فكرة الجامعة الإسلامية.
إن الإمام السنوسي حرص على أن يتوسط ميداناً يقود به حركة الإسلام في إفريقيا الوسطى ولذلك اندفع جنوباً، كما أنه حدثت أحداثاً مهمة جعلته يحرص على القرب منها، توغل فرنسا في القارة الإفريقية ومحاولة بسط نفوذها على الإمارات الإسلامية في إفريقية الغربية (?)، كانت الوسائل الأمنية لدى الحركة