المبحث الثاني
موقف محمد المهدي السنوسي والليبيين من
الدولة العثمانية وفكرة الجامعة الاسلامية
في بداية عهد السلطان عبد الحميد الثاني طلب من السيد محمد المهدي السنوسي إرسال قوة من رجاله من الأقطار البرقاوية الطرابلسية لمساعدة الدولة العثمانية في حربها ضد روسيا عام 1877م إلا أن السنوسي أمتنع عن تنفيذ الطلب، لإنشغاله بالبناء والتربية والتكوين، والانتشار بالدعوة، والاستعداد للجهاد، وهذا الامتناع جعل السلطان عبد الحميد يرسل الرسل الى الامام المهدي السنوسي للوقوف على حقيقة أمره، وبذل السلطان عبد الحميد الثاني جهداً كبيراً في سبيل التعرف على طبيعة الحركة السنوسية، وحقيقة نواياها، وأهدافها، ومدى استعداد زعيمها للعمل ضمن سياسته في الجامعة الاسلامية، وتمت الخطوة الأولى في هذا المجال، بطلب من الداخلية العثمانية الى وليها في طرابلس، لموافاتها بمعلومات عن الحركة ونشاطها.
أجاب الوالي كمال باشا (1893 - 1898م) بما يشعر بحسن علاقة الوالي بالحركة السنوسية، واطمئنان الى نواياها، وثقته برجالاتها وأكد في رسالته التي بعثها للسلطات العثمانية في استانبول، على الفوائد العلمية والإجتماعية التي حققتها زوايا الحركة السنوسية المنتشرة في الصحراء الكبرى (?) بين أعراب البادية، ورفع مستواياتهم الدينية الخلقية والثقافية، ومزاحمتها الفعالة للجمعيات التنصيرية المنبثة في القارة الأفريقية، ودخول الكثير من الزنوج في الاسلام بتأثير دعايتها له وأكد الوالي في ختام رسالته، انقياد الحركة بزواياها وقادتها الى دولة الخلافة العثمانية (?).
وأوفد السلطان عبد الحميد بعثة برئاسة رشيد باشا والي بنغازي ومعه الصادق