كانت عقيدة القضاء والقدر واضحة المعالم في فكر الحركة السنوسية، فأصبح اتباعها يؤدون واجبهم بكل شجاعة، وهم على يقين راسخ بقوله تعالى: {قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} (سورة التوبة، آية 51).
ولقد ألتقيت بالشيخ الفاضل رئيس المحاكم الشرعية في ليبيا سابقاً في زمن المملكة الليبية، الشيخ منصور المحجوب بمكة المكرمة وحدثته عن حرصي لكتابة تاريخ الحركة السنوسية، فأنساب في الحديث عن رجالات الحركة وحبهم للاسلام، وتعلقهم بالآخرة وجهادهم ضد فرنسا وذكر بعض المجاهدين عندما استعصى عليهم فتح حصن من الحصون التي احتلتها فرنسا بتشاد قاموا بحصاره وتأخر الفتح اقسم احد الأخوان السنوسيين أما الشهادة وإما الفتح، وانقض كالأسد بجواده على الحصن وكان ذلك الهجوم سبباً في الفتح وفاضت عينا الشيخ منصور بالدموع، وشرع في البكاء ثم قال أولئك قوم عرفوا الله وعملوا بهذه المعرفة ثم وجه الخطاب إليّ وقال لي ياصلاّبي اتقي الله في كتابتك واعلم بأن الله سيحاسبك عليها يوم القيامة، وانتفضت من مكاني من شدة تأثير كلامه عليّ، وحثني على الاخلاص والرغبة فيما عند الله وقال لي أنا الآن قد جاوزت السبعين من عمري وقد رأيت الكثير في الدنيا ورفع يده الى فمه ثم نفخ في كفه وقال إن حقيقة هذه الدنيا مثل هذه النفخة.
إن الشيخ منصور المحجوب يعتبر من اتباع الحركة السنوسية وقد تولى مناصب كبيرة من رئاسة الجامعة الاسلامية بالبيضاء، وتولى رئاسة القضاء وهو من مؤسسي رابطة العالم الاسلامي وأخبرني بأنه ماكث في مكة ينتظر الوفاة حتى يدفن في الأراضي المقدسة.
إن الحركة السنوسية اهتمت بتربية اتباعها على الصلاة والقيام، والصوم، والزكاة، والحج، وتلاوة القرآن الكريم الذي هو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم.
إن من أعظم العبادات ومن أحسن الوسائل في التربية الروحية التي سلكها