ويدخل في كلام الشاطبي -رَحِمَهُ اللهُ-: توحيد الاتباع والطاعة وهو مبني على علم الإنسان بصفات الله وتأليهه له، وخوفه منه وتضرعه إليه، وتوكله عليه، وإنابته إليه، وذبحه ونذره ودعائه وصلاته له وحده سبحانه وإذا حقق العبد ذلك انقاد لأحكام هذه الشريعة وأذعن لها في إيمان واستسلام، ورضى وطمأنينة، لا يعرض عن شيء منها، ولا يقدم عليه غيره، فضلاً أن يقع في جحود شيء منها أو إنكاره.

وعلى هذا الأصل بنى الشاطبي قوله في كتاب الاعتصام حيث قال:

" .. فاعلموا أن الله تعالى وضع هذه الشريعة حجة على الخلق كبيرهم وصغيرهم ومطيعهم وعاصيهم برهم وفاجرهم لم يختص الحجة (?) بها أحداً دون أحد وكذلك سائر الشرائع إنما وضعت لتكون حجة على جميع الأمم التي تنزل فيهم تلك الشريعة حتى أن الشريعة (?) المرسلين بها صلوات الله عليهم داخلون تحت أحكامها، فأنت ترى أن نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - مخاطب بها في جميع أحواله وتقلباته مما اختص به دون أمته أو كان عاماً له ولأمته .. " (?).

وهذا الذي قررته الآيات بمثابة البيان لمهمة البشر في هذه الأرض وأنهم محكومون بهذه الشريعة لا يخرج عن حكمها أحد البتة، حتى الأنبياء والرسل، والتشريع حق الله الخالص، وعلى الرسل والبشر جميعاً الإذعان والاتباع، فإذا لم يحق لأحد على الإطلاق كائناً من كان أن يخرج عن حكم هذه الشريعة فلأن لا يكون له شيء من حق التشريع أو التغيير أو التبديل أولى وأحرى.

وها هو الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول للذين لا يرجون لقاء الله وهم يطلبون منه أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015