"وشهد له جل ثناؤه باستمساكه بما أَمرهُ به والهُدى في نفسه وهداية من اتبعه فقال:
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (?).
ثم قال: "فأبان الله أنْ قد فرضَ على نبيهِ اتباعَ أمرِه وشهدَ له بالبلاغِ عنه، وشهدَ به لنفسه، ونحن نشهدُ له به تقرباً إلى الله بالإيمان به وتوسلًا إليه بتصديق كلماته" (?).
وقرر الإمام الشاطبي هذا الأصل -الذي قرره الإمام الشافعي- وذلك في كتابه الموافقات حيث قال:
"المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المكلف عن داعية هواه حتى يكون عبداً لله اختياراً كما هو عبد لله اضطراراً (?)، والدليل على ذلك .. النص الصريح الدال على أن العباد خُلقوا للتعبد لله والدخول تحت أمره ونهيه، كقوله تعالى:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} (?).
إلى غير ذلك من الآيات الأمرة بالعبادة على الإطلاق وبتفاصيلها على العموم فذلك كله راجع إلى الرجوع إلى الله في جميع الأحوال والانقياد الى أحكامه على كل حال وهو معنى التعبد لله .... " (?).