وسبب ذلك أن النفس البشرية لا تؤمن بأن الأمر وهو "الحكم والتشريع" لله دون سواه إلا إذا أيقنت أن الله هو الخالق والمدبر والمالك.
وكثيراً ما يسلم الكفار بأن الله هو الخالق والرزاق والمدبر .. ثم لا يؤمنون بأنه المعبود المطاع، ولذلك سجل عليهم القرآن القول بأن الله هو الخالق والمدبر وأنه رب العرش العظيم وهو يجير ولا يجار عليه كما قال تعالى:
{قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} (?)
ثم دعاهم بعد ذلك الى التذكر والتدبر والتقوى، لكي يؤمنوا بأن الله الذي خلق الأرض والسماوات والعرش العظيم وهو يجير ولا يجار عليه وبيده ملكوت كل شيء هو الذي يستحق أن يكون له الأمر، لأن الذي بيده ملكوت كل شيء له الأمر كله، وهذا معنى قوله تعالى:
{أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (?).
وبهذا المعنى الشامل جاء الحديث عن سلطة الله المطلقة في الحكم الكوني والحكم الشرعي، فقال سبحانه وتعالى:
{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} (?).