وسيكون موضوع هذا التمهيد الحديث عن أن التشريع والأمر والنهي حق الله الخالص لا يشاركه فيه أحد، وذلك من خلال بعض الآيات القرآنية ونصوص أهل العلم من الفقهاء والأصوليين، وأن حق النسخ وهو التبديل والتغيير إنما هو لمن له حق الإِنشاء وهو الله سبحانه وتعالى، وإذا تقرر ذلك لزم عنه عزل أهل السماء والأرض عن ذلك كله، وسلمت للناس هذه الشريعة شاملة ثابتة بلا تحريف ولا تبديل.
وسأعرض لذلك من ثلاثة طرق.
الأول: تقرير ما جاءت به الآيات القرآنية من أن الله هو الذي ينشئ الأحكام.
الثاني: تقرير ما جاءت به الآيات من نفي صفة الملك والأمر .. الخ عن كل ما سوى الله ووصف المخلوقين جميعاً بالحاجة والافتقار والضعف والعجز ..
الثالث: تقرير ما جاءت به الآيات من أن التشريع من دون الله كفر ..
* الطريقة الأولى: ربط القرآن في مواضع كثيرة بين الإقرار بصفات (?) الله سبحانه وتعالى من الخلق والسمع والبصر والعلم والحكمة والتدبير وبين كونه صاحب الأمر الذي لا معقب لحكمه ولا مبدل لكلماته ..
ودعا القرآن الناس ليؤمنوا بأن الله هو الخالق والرازق والمدبر والعليم
والحكيم ... الخ وأنه صاحب الأمر والحكم لاشريك له وأنه مالك يوم الدين، أي يوم الجزاء، وذلك ليتجه له الخلق بجميع أنواع العبادة من الخوف والرجاء والصلاة والدعاء والإنابة والاستغاثة، والذبح والنذر، والتوكل والخشية ...
وقد خاطب القرآن النفس البشرية بهذه العقيدة في مواضع كثيرة جداً،