التيه والمخرج (صفحة 87)

وأخيرًا: المناصحة، والمتابعة:

إن من أكبر أسباب تحسين الخلق: المناصحةَ، والمتابعةَ.

وأعني بذلك: متابعة بعضنا بعضًا، في ألفاظنا، وتصرفاتنا، وهفواتنا، وأعمالنا، ثم تقديم نُصْحِ بعضنا لبعض، بالحكمة، والرفق، فإذا صدر من بعضنا خطأ خلقي، سارع الأخ إلى أخيه في خلوة وابتسامة، مذكرًا إياه بالخلق الحسن، وناصحًا له بالطريق الأمثل، فيتتابع النصح، ويتلقى المنصوح ذلك بقبول حسن، حتى يفتح الله لنا في مجتمع يسوده الوئام، ويعلوه حسن الخلق.

فرق ما بيننا وما بين سلفنا:

وهذا هو فرق ما بيننا وبين السلف -رضوان الله عليهم- وهو ممارسة ذلك على ساحة الواقع، بتبادل النصح وقبوله.

ألا ترى تلك الثلة الطيبة الطاهرة التي تخرجت [في] مدرسة النبوة، كيف كانوا يتبادلون النصح، ويتواصون بالعمل به، حتى أصبح كل واحد منهم أمة في سلوكه، إمامًا في أخلاقه، رغم تفاوتهم في العلم والمعرفة؟

إن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكونوا أنبياء لا يحصل فيهم خلاف، ولا يحدث بينهم نزاع، بل كان كل ذلك يحصل، ولكنهم كانوا سريعي المسامحة، سريعي الاستجابة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، شعارهم في ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 301].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015