وهذا الموقف محمول على موقفهم من التكلف في فهم المتشابه، الفهم الذي يؤدي إلي الفتنة لا الاسترشاد قال ابن تيمية - رحمه الله - معقبا على قصة صبيغ:
وهذا لأنهم رأوا أن غرض السائل ابتغاء الفتنة لا الاسترشاد والاستفهام كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه وكما قال تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ [آل عمران: 7] فعاقبوهم على هذا القصد الفاسد، كالذي يعارض بين آيات القرآن وقد نهي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك فقال: (لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض) (?).
وأما محاولة فهم معنى المتشابه والتدبر فيه بغير تكلف فهذا أمر جائز وما كان السلف يمتنعون منه فها هو مجاهد - رحمه الله - يقول: (عرضت المصحف على ابن عباس من أوله إلي أخره مرات أقفه عند كل آية وأسأله عنها. فهذا ابن عباس حبر الأمة وهو أحد من كان يقول: وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ يجيب مجاهدا عن كل آية في القرآن) (وقال الحسن البصري - رحمه الله - ما نزل الله آية إلا وهو يحب أن يعلم فيما أنزلت وماذا عني بها وما استثني من ذلك لا متشابها ولا غيره) (?).
ولم يمتنع أحد الصحابة والتابعين عن تفسير آية من كتاب الله ولا قال هذه من المتشابه الذي لا يعلم، ولا قال أحد قط من سلف الأمة ولا الأئمة المتبوعين إن في القرآن آيات لا يعلم معناها ولا يفهمها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أهل العلم والإيمان جميعهم (?).
(لأن الله تعالى لم يقل في المتشابه لا يعلم تفسيره ومعناه إلا الله، وإنما قال: