كأصل من أصول التفسير أن نبين موقف السلف من المتشابه، وإن كانت قد سبقت إشارة إلي ذلك في مبحث التأويل عندهم، لكن لتمام الفائدة نقول:
لقد حذر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه من اتباع المتشابه كما علم من القرآن، فقال:
(يا عائشة إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمي الله فاحذريهم) (?).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (إنهم كانوا - أي الصحابة - إذا رأوا من يسأل عن المتشابه بالغوا في كفّه، تارة بالقول العنيف، وتارة بالضرب، وتارة بالإعراض الدال على شدة الكراهة لمسألته، ولذلك لما بلغ عمر رضي الله عنه أن (صبيغا) يسأل عن المتشابه أعد له عراجين النخل، فبينما عمر يخطب قام فسأل عن والذَّارِياتِ ذَرْوًا 1 فَالْحامِلاتِ وِقْرًا (2) [الذاريات: 1 - 2]، وما بعدها فنزل عمر فقال: لو وجدتك محلوقا - كناية عن رقة الدين أو صفة للمنافقين - لضربت الذي فيه عيناك بالسيف، ثم أمر به فضربه ضربا شديدا وبعث به إلي البصرة وأمرهم أن لا يجالسوه فكان بها كالبعير الأجرب لا يأتي مجلسا إلا قالوا عزمة أمير المؤمنين فتفرقوا عنه، حتى تاب وحلف بالله ما بقي يجد في نفسه شيئا مما كان، فأذن عمر في مجالسته) (?).
وكان ابن عباس إذا ألح عليه رجل في مسألة من هذا الجنس - أي المتشابه - يقول له: ما أحوجك أن يصنع بك كما صنع عمر بصبيغ) (?).
وكان الشافعي - رحمه الله - يقول: آمنت بما جاء عن الله وبما جاء عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على مراد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (?).