أفنى الدين للناس حتى غدا ... لا يلبس المنا والمصونا
فكلانا نبكيه يوماً فلم ي ... لق رشداً اختاره بل شجونا
أنسرا تبقى كما ليس يبقى ... بعرفي الطياح تلقى كنينا
في ذرى ما أن يراه بصير ... حين مد إليه طرفاً حصينا
إن كل النفوس من خلق ربي ... للمنايا أمسى وأضحى رهينا
ضل رأيي عند اختياري واني ... خفت من حسرتي عليه جنونا
حين ألقيت تاركاً من خطامي ... كيد رشد يراه غير مبينا
فعلى رأيي ابكي وابدي ... بالغنى الردى وبالفضل دونا
وكان لقمان يومئذ بالطائف، فبينما هو يبكي نفسه، إذ سمع المنادي ينادي: يا لقمان دونك البدل رأس الجبل فوق مرعى الوعل رأس السرماج المعتزل مأمور بطاعتك كالأول. فطلع لقمان حيث وصف له المنادي فإذا بوكر سير ليعرفه، فسماه عوض، ثم قال: أنت العوض المبرأ من تلف العرض وآفات المرض وعواج الجرض وحقك علي أفضل مفترض أوديه كلما عرق نبض. وكان لقمان لا يغفل عن إطعامه حتى نهض طائراً له يدعوه باسمه فيجيبه حتى أدركه الكبر فضعف، فدعاه لقمان ذات يوم تحت شجرة ومعه اللحم قد بضعه له ليطعمه إياه، فأقبل النسر كاسراً بجوزه غصون الشجرة فخر ميتاً. فهال لقمان موته هولاً عظيماً، فأنشد يبكي نفسه ويقول: