نصرهم من بني إسحاق والروم الأول من أرض الشام برز إليهم جرهم في مائة ألف وعملاق في مائة ألف
فقاتلوهم قتالاً شديداً فانهزم بنو إسرائيل ومن معهم ورموا بالتابوت فأخذته جرهم وعملاق فأتوا به إلى مزبلة من مزابل مكة فحفروا وله ودفنوه فيها فنهاهم عن ذلك همسيع بن نبت بن قيذار بن إسماعيل ونهاهم عنه الحارث بن مضاض الجرهمي فعصوهما وقال لهم همسيع: أن فيه صحف الزبور وفيه السكينة فأخذهم الوباء بالغم وكانوا لا يتداركون فعمد الحارث بن مضاض إلى التابوت في تلك المزبلة فاستخرجه ليلاً وأخذه همسيع وكان عنده يتوارثونه وارث عن وارث إلى زمان عيسى ابن مريم عليه السلام فإنه أخذه من كعب بن لؤي بن غالب، فلما هلكت جرهم وعملاق غماً وفنوا جميعهم ولم يبق من عملاق إلا عشرون رجلاً فكانوا مؤمنين على دعوة إسماعيل مع همسيع وثمانية رجال من جرهم مع الحارث بن مضاض الجرهمي. فلما رأى الحارث قومه هلكوا ترك ابنه عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي عند الهمسيع وخرج هارباً يجول في الأرض هماً وغماً ووحشة لما نزل بقومه، وشب ابنه عمرو وتغرب الحارث ابن مضاض ثلاثمائة عام، ولقد كثرت فيه الأمثال وسار بغربته الصوت حتى ذكره حبيب بن أوس الطائي في الإسلام فقال:
غربة تقتدي بغربة قيس ... بن زهير والحارث بن مضاض
والفتى من تعرقته الليالي ... في الفياقي كالحبة النضتاض
صلتان أعداؤه حيث كانوا ... في حديث من ذكره مستفاض
هذه الأبيات في شعر له. وحدث ابن لهيعة عن أبي مخنف عن كميل بن زياد النخعي عن علي بن أبي طالب رحمة الله عليه ورضوانه إنه حدث يوماً