قال الجنيد: قال لي الحارث: كم تقول عزلتي أنسي! لو أن نصف الخلق تقربوا مني ما وجدت لهم أنساً، ولو أن النصف الآخر نأوا عني ما استوحشت.
قلت: المحاسبي كبير القدر وقد دخل في شيء يسير من الكلام فنقم عليه، وورد أن الإمام أحمد أثنى على حال الحارث من وجه وحذر منه.
قال سعيد بن عمرو البرذعي: شهدت أبا زرعة الرازي وسئل عن المحاسبي وكتبه فقال: إياك وهذه الكتب، هذه كتب بدع وضلالات، عليك بالأثر تجد غنية، هل بلغكم أن مالكاً والثوري والأوزاعي صنفوا في الخطرات والوساوس ما أسرع الناس إلى البدع.
قال ابن الأعرابي: تفقه الحارث وكتب الحديث وعرف مذاهب النساك، وكان من العلم بموضع إلا أنه تكلم في مسألة اللفظ ومسألة الإيمان، وقيل هجره أحمد فاختفى مدة.
ومات سنة ثلاث وأربعين ومئتين. (أ. هـ الذهبي باختصار) .
وقال ابن حجر في لسان الميزان: الزاهد المشهور. وفي التقريب قال: مقبول. ويعني بهذا اللفظ أن أحاديثه إذا تفرد بها لا تقوم مقام الحجة، وإنما تصلح للاعتبار والشواهد.
قلت: وكتابه هذا بعيد عن شأن الصوفية وعلم الكلام، وإنما هو موعظة.