(توهم حال أهل النار، وتوهم حال أهل الجنة)
للحارث المحاسبي
أبي عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي
توفي سنة 243 هـ
تحقيق المستعصم بالله أبي هريرة
مصطفى بن علي بن عوض جعفر
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدي الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، هازم الأحزاب وحده، ناصر دينه ولو كره الكافرون.
وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، أدى أمانة ربه، وبلغ الرسالة، فجزاه الله أعظم الخير كله. ثم أما بعد.
في وقت تطغى فيه الماديات، وتزداد فيه بريق الفتن، ويعم ظهور الفساد في البرِّ والبحر حتى يكاد أن يصل إلى منتهاه، أقول في وقت مثل هذا فإنه ينبغي أن يكون لنا وقفة ووقفات للذكرى وللعودة وللإنابة، فإنه يجب على المسلم أن يتجلد ويتصبر بالله، وأن يملئ قلبه بالإيمان، وما يسبب الإيمان، وما يحفظه.
وإن من أعظم المثبتات الذكرى، فإن الإنسان مأتاه من أحد البليَّتين، النسيان أولهما، وثانيهما الفتور وعدم العزم، فقد قال ربنا، وهو أصدق القائلين {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً} (?) .
فإن الذي ينسى لماذا يطيع الله، أو لماذا يسير في طريق ما، فإنه يدخله السآمة والفتور عن الالتزام أو السير، فسريعاً ما يحدث له الانقلاب على عقبيه {ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً} (?) .
ولأن أمر النسيان من أعظم ما يهدم المسلم، فإن أعداء الله باختلاف مللهم وألسنتهم دائماً يحاربون الدعوة والتذكير بأمر الله تعالى.