" قال: فمم يتعوذون؟ قال: يقولون: من النار. قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها؟ قال: يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً وأشد لها مخافة ". فازداد قراري بالفرار منها والبعد عنها وأسأل الله العون.

فلما وجدت ذلك أردت للقارئ الكريم أن يكون معي من المقررين الرجوع إلى الله , وأن نكون سوياً من المعاهدين الله الثبات على أمره، وأن نكون من الفارَّين بكل قوتنا من النار.

وكان هذا الكتاب وهو (التوهم) للحارث المحاسبي، فعلقت عليه بعض التعليقات وخدمت ما به من الأحاديث، ثم أردت أن أذكر الأحاديث التي منها ساق معلوماته عن الجنة أو النار أو أمر الساعة، فكل هذا غيب لا يستطيع أي عالم أن يتكلم فيه بالنظر أو بالفهم، وإنما هو غيب موقوف، فوجدت أن ذلك سيطيل الكتاب، فاكتفيت بما ذكرت على أن كل ما سيقوله عن الجنة، فإنها أعظم مما قال فقد أخرج البخاري ح 3244 بسندٍ له عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. فاقرؤوا إن شئتم {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} (?) ، وأن ما سيقوله عن الساعة من تخويف فإن الله قال {والساعة أدهى وأمر} (?) .

وما سيقوله عن النار، فإن الله قال {ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون} (?) ، وهكذا

وأسأل الله أن يكون ذلك في ميزاني يوم لقائه، وأن يتجاوز بذلك عن سيئات أعمالي، وأن يتقبل مني. فما كان من صواب فمن فضل الله عليَّ، وما كان من خطأٍ فمن نفسي ومن الشيطان , وأسأل الله السلامة وحسن التوفيق {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب} (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015