الفصل الثاني
في ذكر الأمور
التي يستمد منها الإيمان
وهذا فصل عظيم النفع والحاجة، بل الضرورة ماسة إلى معرفته والعناية معرفة واتصافا - وذلك أن الإيمان هو كمال العبد، وبه ترتفع درجاته في الدنيا والآخرة، وهو السبب والطريق لكل خير عاجل وآجل. ولا يحصل، ولا يقوى، ولا يتم إلا بمعرفة ما منه يستمد. وإلى ينبوعه وأسبابه وطرقه.
والله تعالى قد جعل لكل مطلوب سببا وطريقا يوصل إليه. والإيمان أعظم المطالب وأهمها وأعمها، وقد جعل الله له مواد كبيرة تجلبه وتقويه، كما كان له أسباب تضعفه وتوهيه.
ومواده التي تجلبه وتقويه أمران: مجمل ومفصل.
أما المجمل فهو التدبر لآيات الله المتلوة من الكتاب والسنة، والتأمل لآياته الكونية على اختلاف أنواعها، والحرص على معرفة الحق الذي خلق له العبد، والعمل بالحق، فجميع الأسباب مرجعها إلى الأصل العظيم.
وأما التفصيل، فالإيمان يحصل ويقوى بأمور كثيرة.
1 - منها - بل أعظمها -: معرفة أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة، والحرص على فهم معانيها، والتعبد لله فيها.
فقد ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «إن لله تسعة وتسعين اسما - مائة إلا واحدا - من أحصاها دخل الجنة» أي: من حفظها وفهم معانيها،