فوصف الله المؤمنين بهذه الصفات المتضمنة للقيام بأصول الدين وفروعه، وظاهره وباطنه. فإنه وصفهم بالإيمان به إيمانا ظهرت آثاره في عقائدهم وأقوالهم وأعمالهم الظاهرة والباطنة، وأنه - مع ثبوت الإيمان في قلوبهم - يزداد إيمانهم كلما تليت عليهم آيات الله، ويزداد خوفهم ووجلهم كلما ذكر الله وهم في قلوبهم وسرهم متوكلون على الله، ومعتمدون في أمورهم كلها عليه، ومفوضون أمورهم إليه. وهم مع ذلك يقيمون الصلاة فرضها ونفلها يقيمونها ظاهرا وباطنا ويؤتون الزكاة، وينفقون النفقات الواجبة والمستحبة. ومن كان على هذا الوصف فلم يبق من الخير مطلبا، ولا من الشر مهربا. ولهذا قال: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} الذين يستحقون هذا الوصف على الحقيقة، ويحققون القيام به ظاهرا وباطنا. ثم ذكر ثوابهم الجزيل؛ المغفرة المتضمنة لزوال كل شر ومحذور، ورفعة الدرجات عند ربهم، والرزق الكريم المتضمن من النعم ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.