وقال الداودي وغيره: لم يقل لها الشارع ذلك إلا بعد المتقدم إليهم وإعلامهم أن الولاء كالنسب لا يباع ولا يوهب، ومعناه: اشترطي لهم الولاء، فإن اشتراطهم إياه بعد علمهم أن اشتراطه لا يجوز غير نافع، يوضحه قوله معلنًا على رءوس الناس: "ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله" فإنما وبخهم بما تقرر عندهم من علم السنة في ذلك، ألا ترى قوله: "قضاء الله حق، وشرطه أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق" فكان هذا على وجه الوعيد لمن رَغِبَ عن سنته في بيع الولاء، وليحذروا من موافقة مثله، ولم يكن ليتوعد في الأمر إلا بعد المتقدم فيه.

وقيل: قاله على وجه العقوبة لهم بأن حَرَمَهم الولاء إذ تقدموا على ذلك قبل أن يسألوا وهو بين أظهرهم يوضحه -أي: ربما قال الشيء أو فعله وليس بالأفضل عنده، لما يريد من تنكيل الناس وعقوبتهم- أنه - عليه السلام - نهاهم عن الوصال فلم ينتهوا، فلما واصل بهم يومًا ثم يومًا حتى رأوا الهلال وقال: "لو تأخر لزدتكم" (?) كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا ومثله قوله يوم الطائف: "إنا قافلون غدًا إن شاء الله" فقال الناس: قبل أن نفتحها، قال: "فاغدوا على القتال" فغدوا فأصيبوا بجراحات، فقال: "إنا قافلون غدًا إن شاء الله"، فسروا بذلك (?).

رابعها: فيه: أنه كان إذا أراد أن يعاقب في أمر يكون تأديبًا لمن عاقبه عليه خطب قائمًا؛ ليكون أثبت في قلوبهم وأردع لمن أراد مثل ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015